• صاحب المنشور: عبدالناصر البصري
  
  ملخص النقاش:
  تعتبر التكنولوجيا جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، حيث أثرت بشكل كبير على جوانب مختلفة منها الصحية. وعلى الرغم من الفوائد العديدة التي جلبتها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات إلى القطاع الصحي كتحسين الخدمات الطبية وتسهيل الوصول إليها، إلا أنها قد أثارت أيضاً مخاوف بشأن تأثيرها السلبي المحتمل على الصحة النفسية للأفراد. ومن هنا يأتي محور هذا المقال الذي يستكشف التأثيرات المتنوعة للتكنولوجيا على الصحة العقلية ويطرح رؤى حول الحلول والتوجهات المستقبلية للتعامل مع هذه القضية الحساسة.

التعرض الزائد للمعلومات والحالة النفسية

مع تزايد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والأجهزة الذكية، أصبح الأفراد أكثر عرضة للإعلام ومحتويات الإنترنت المختلفة. بينما يمكن لهذه المعلومات أن تكون مصدرًا ثريًا للمعارف والمعرفة، فإن التعرض المكثف لها يمكن أن يؤدي أيضًا إلى الإرهاق العقلي والعاطفي. تشير الدراسات الحديثة إلى وجود علاقة بين زيادة وقت الشاشة وقضايا مثل اضطراب القلق العام والاكتئاب لدى بعض الفئات العمرية والشرائح الاجتماعية. يعزو الخبراء ذلك جزئيًا إلى طبيعة الأخبار المفجعة أو المحبطة غالبًا والتي غالبًا ما تروج لها مواقع التواصل الاجتماعي لتحقيق أعلى نسبة مشاركة. كما تسهم المقارنات المجتمعية الناجمة عن مشاهدة حياة الآخرين المثالية عبر الشبكات الرقمية في الشعور بانخفاض الثقة بالنفس وعدم الأمان الشخصي، خاصة بالنسبة للشباب والمراهقين الذين هم في مرحلة بناء صورة ذاتية قوية.

الوحدة الافتراضية وإدمان الوسائط

يمكن لتكنولوجيا الاتصال أن تفصل الأشخاص عن علاقاتهم الشخصية الواقعية بطرق غير متوقعة. عندما يصبح الاعتماد الكبير على الرسائل النصية والفيديو كونفرنس هو الشكل الأساسي للتواصل، فقد يشعر الناس بالوحدة والإقصاء حتى وإن كانوا محاطين بأشخاص فعليا. بالإضافة لذلك، فإن إدمان الهواتف الذكية واستخدام المنتديات الإلكترونية لفترات طويلة يمكن أن يساهم في انزواء الفرد وانغلاقه عن العالم حوله مما يزيد الضغط النفسي لديه. يواجه العديد ممن يعانون من مشاكل صحية نفسية بالفعل خطر تعزيز أعراضهم بسبب عزلتها المتزايدة داخل نطاق رقمي ضيق وغير مرن اجتماعيًا وعاطفيًا.

الجوانب الإيجابية: دور العلاج عبر الانترنت والدعم الروحي الرقمي

رغم هذه الآثار السلبية المحتملة، تمتلك التقنية أيضا القدرة على المساعدة في تحسين الحالة النفسية عند توظيفها بشكل مناسب. تقدم المنصات الرقمية الآن خدمات علاج نفسي فردي وجماعي عن بعد باستخدام الدردشة الصوتية والبريد الصوتي المرئي وقد ثبت فعاليتها بمستوى مقبول مقارنة بطرق التدخل التقليدية وجهًا لوجه حسب تقرير منظمة الصحة العالمية عام ٢٠٢٠ . تعدُّ جلسات الاستشارة المجانية المتاحة عبر الإنترنت مثالا عمليا آخر؛ فهي تسمح لأصحاب الاحتياجات المالية البسيطة بالحصول على دعم احترافي من ذوي الاختصاص بدون تحمل تكاليف باهظة مقابل المواصلات وغيرها مما يحرم الكثير منهم حالياً من الحصول عليه أصلاً.

وفي ظل انتشار الظروف الاقتصادية الصعبة عالميًا، بات الدعم الروحي الرقمي أمر مهم كذلك وذلك بتقديم نصائح دينية فرصة