بالفعل، وفقاً لما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، فقد أرسل الله جل وعلا نبيه محمد صلى الله عليه وسلم إلى البشر والجن المكلفين، أي الذين يمكن أن يكون لهم القدرة على الفهم والاستجابة للشريعة الإسلامية. إلا أن رسالته لم تتعدَّهما لتشمل الملائكة وغيرهم ممن ليسوا مكلفين بالتوحيد والشرائع الربانية. فهي كانت خاصة بهؤلاء القادرين على التمييز بين الحق والباطل واتخاذ القرار بناءً عليه.
وعلى الرغم من عدم وجود دليل شرعي على إرسال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إلى سائر مخلوقات الله غير المكلفة، فإن تأثير دعوته امتد إلى مشارق الأرض ومغاربها، حيث شهد الجميع صدقه ودعوته باستثناء كفار بني آدم وبنو جانتهم. لقد دعا لحقيقة نبوته وإمامته كل فرد خلقه الله منذ بعثته حتى نهاية الدنيا عندما تقوم الساعة الأخيرة.
ومن هنا، تبقى رسالة سيدنا محمد قائمة وتستمر حتى يوم القيامة بالنسبة للأرضيين والجوانيين الأحرار المتاح أمامهم فرصة الاختيار بين الإيمان والكفر. ومع اقتراب انتهاء مدة الحياة الدنيوية، سيختفي نور هدى الإسلام تمامًا ويصبح المؤمنون مؤمنين حقًّا أو منافقين باعتراف عملهم الظاهر وليس اعتقاد قلوبهم الداخلي؛ وذلك حين تطلع الشمس من مغربها أثناء ظهور بعض آيات رب العالمين للعالمين والتي ستكون دلالة نهائية واضحة بحلول وقت الجزاء الأخروي. وفي تلك اللحظة لن ينفع أحدًا إيمانه إن لم يؤمن قبلاً بهذا الدين الحق والمبين. وهذا يتوافق أيضًا مع الحديث القدسي الذي رواه أبو هريرة رضوان الله عنه حيث أكد فيه المصطفى صلوات الله عليه وسلّم أن "لا يقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، فإذا رأتها الناس آمن من كان عليها". وهذه الآيتان العزيزتان هما شاهدتا عصر الهرطقة الكاذبة وزوال الضلال وضيق باب التوبة. والحكمة الإلهية تفعل فعلها بالأبدان والأرواح بالتساوي بلا استثناء لطوائف بشرية معينة فضفاضة التعريف خارج حدود المؤمنين المسلمين المنشقين لدعاة الباطل المضللين. نسأل المنان الرحيم الرحمة والعافية لعباده الموحدين دوماً وأبداً إنه سميع مجيب الدعاء.
