تأثير التكنولوجيا الحديثة على الصحة العقلية: دراسة نقدية

مع تزايد اعتمادنا على التكنولوجيا الحديثة وتعدد استخداماتها اليومية، أصبح من الضروري استكشاف الآثار التي قد تحدثها هذه الأدوات المتطورة على صحتنا النف

  • صاحب المنشور: عبدالناصر البصري

    ملخص النقاش:
    مع تزايد اعتمادنا على التكنولوجيا الحديثة وتعدد استخداماتها اليومية، أصبح من الضروري استكشاف الآثار التي قد تحدثها هذه الأدوات المتطورة على صحتنا النفسية. يهدف هذا المقال إلى تقديم نظرة شاملة حول كيفية تأثير الأجهزة الرقمية مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية والكمبيوترات الشخصية وغيرها من المنتجات المرتبطة بالتكنولوجيا على عقولنا وعلى حياتنا العامة. سنناقش أيضاً كيف يمكن لهذه التأثيرات أن تؤدي إلى حالات صحية نفسية مختلفة وكيف يتعامل المجتمع العلمي مع ذلك.

الفوائد المحتملة للتكنولوجيا الصحية

لا يمكن إنكار الفوائد العديدة التي جلبتها التكنولوجيا لنا، خاصة فيما يتعلق بالجانب الصحي والعناية الذاتية. هناك العديد من التطبيقات والمواقع الإلكترونية التي تقدم خدمات الاستشارة والتوجيه النفسي والدعم عبر الإنترنت، مما يساعد الأشخاص الذين يعانون من القلق أو الاكتئاب أو اضطرابات أخرى للحصول على المساعدة بطريقة أكثر خصوصية وأسهل الوصول لها مقارنة بزيارة الطبيب شخصيا. بالإضافة لذلك، فإن بعض الجهود البحثية تعتمد الآن بشدة على البيانات الكبيرة والتحليلات الحاسوبية لفهم الأمراض النفسية بصورة أفضل واستهداف العلاج المناسب لكل حالة.

السلبيات المحتملة للتكنولوجيا والصحة العقلية

من ناحية أخرى، هناك مجموعة من المشكلات الناجمة عن الإفراط في استخدام التكنولوجيا والتي أثرت سلبًاعلى الصحة العقلية للعديد ممن يستخدموها بكثافة. أحد أهم تلك القضايا هو "الإدمان"، حيث يقضي الأفراد ساعات طويلة يوميًا متفاعلين مع شاشة هاتفهم المحمول أو جهاز الكمبيوتر الخاص بهم دون انتباه لحالتهم الداخلية أو محيطهم الخارجي مباشرة. يؤدي ذلك غالبًا لزيادة مستويات القلق والاكتئاب والإرهاق العقلي بسبب افتقاد الشعور بالإنجاز والكفاءة عند الانقطاع عن الوسائل التقنية المعتمدة عليها طوال الوقت.

كما تم رصد ارتباط بين زيادة التعرض للأخبار السلبية وبين سوء الحالة العاطفية للمستخدمين. توفر المنصات الاجتماعية واحتدام المناظرات السياسية والحرب الظاهرية المستمرة عبر الشبكة العنكبوتية بيئة مليئة بالأزمات والمواقف المثيرة للعصب لدى البعض وقد تفسر تفشي مشاعر الغضب والخوف وعدم الثقة بالنفس نتيجة لتلك الوضعيات القاسية.

بالإضافة لما سبق ذكره، فقد وجدت الدراسات حقيقة كون فترات الطويلة أمام الشاشات قادرة على تغيير دوائر الدماغ المرتبطة بالمهام التنفيذية والحكمة الحسابية بحسب بحث نشر عام ٢٠١٤ بقلم باحثين بريطانين. ويتأكد هنا أمر ضروري وهو ضرورة تطبيق نظام ضوابطي وصيانة للهوية الإنسانية أثناء عملية التكيف الاجتماعي الجديد الذي فرضته الثقافتا المعلوماتية المعاصرة.

وفي نهاية المطاف فإن الحديث يدور ليس حول تقليل دور تكنولوجيتنا بل حول تحقيق توازن صحي باستخدام أدوات العالم الرقمي بما يحقق أفضل نتائج ممكنة لصحتنا ورفاهيتنا ككل. دعونا نستمر باستكشاف حدود خطوط الفصل الأخلاقية والفلسفية التي تحدد مكان مكانة الإنسان داخل عالم رقمي يأخذ زمام المبادرة بسرعة كبيرة!


رشيد الديب

6 مدونة المشاركات

التعليقات