تفسير ابن عباس والتابعين حول مالك اليمين: التصحيح التاريخي لكلام أسد

على الرغم مما ذهب إليه الدكتور محمد أسد في كتابه الشهير "رسالة القرآن" بشأن تأويله لآية "محصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم"، حيث أشاد برواية الإمام

على الرغم مما ذهب إليه الدكتور محمد أسد في كتابه الشهير "رسالة القرآن" بشأن تأويله لآية "محصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم"، حيث أشاد برواية الإمام الرازي واستشهاد الطبري برأي ابن عباس وغيره ممن قالوا إن ملك اليمين يشمل فقط النساء المحتجزات كرهائن حرب أو جواري تمت مصادرة حقوقهن بسبب الحرب، وهو الرأي الذي يخالف التسلسل الطبيعي للمعلومات الواردة في الآيات الأخرى المرتبطة بزواج المسلمين بمملوكاته.

ومع ذلك، فإن التحليل الدقيق يكشف عن خطأ محتمل في فهم أسد لهذا السياق الفقهي. فالرأي الأقوى والأكثر انتشارا بين علماء التفسير الإسلاميين القدامى والمعاصرين هو أن مصطلح "ما ملكت أيمانكم" يستخدم للإشارة تحديداً إلى "جواري" زيد منحن في الزواج، وليس مجرد احتجازهم بشكل عام كما اقترح البعض. ويستدل هؤلاء العلماء على ذلك بسياقات متعددة ضمن نفس الآيات القرآنية نفسها بالإضافة لتوجيهات النبي الكريم وتعاليمه.

ومن الجدير بالذكر أيضا أن العديد من الصحابة الكرام والعُلماء الأفذاذ مثل مجاهد وابن عباس قد فسروا المقصود بـ"ما ملكت أيمانكم" بأنه تشريع خاص بجواز الزواج بتلك النوعية من النساء بشرط عدم وجود عقد سابق لها لدى آخر. وبالتالي، يبدو واضحا أن هناك تسامح أكبر فيما يتعلق بحالات زواج مالكة اليد سواء كانت نتيجة للاسترقاق أو غيرها طالما أنها مطروحة أصلاً أمام خيار الانخراط فيه وفق شروط صحيحة ومعاملة كريمة داخل حدود الذوق العام والشريعة ذاتها.

وفي نهاية المطاف، يجب التأكيد على أهمية الرجوع دائمًا إلى التفاسير التقليدية المعتمدة عند دراسة هكذا مواضيع حساسة تتطلب فهماً عميقاً للسياق الثقافي والديني والقانوني الخاص بكل زمن وما يجري خلال فترة نزول الشرائع الربانية وتطور المجتمع البشري عبر القرون التالية.


الفقيه أبو محمد

17997 مدونة المشاركات

التعليقات