- صاحب المنشور: عبدالناصر البصري
ملخص النقاش:في عالم اليوم الرقمي المتسارع، أصبح الأطفال والمراهقون يقضون ساعات طويلة أمام الشاشات، يلعبون ألعاب الفيديو. بينما يرى البعض هذه الهواية أنها مجرد طريقة لتسلية الوقت، إلا أن هناك دلائل متزايدة تشير إلى تأثيرها العميق والمتنوع على الصحة النفسية لهذه الفئات العمرية الحساسة.
من الناحية الإيجابية، يمكن أن توفر الألعاب فرصًا للتعلم والتفاعل الاجتماعي والإبداع. الألعاب التعليمية، مثل تلك التي تركز على الرياضيات أو اللغات، قد تساعد في تعزيز المهارات الأكاديمية وتحسين الاستيعاب والفهم لدى اللاعبين الصغار. بالإضافة إلى ذلك، بعض الألعاب الجماعية عبر الإنترنت تسمح بالتواصل مع أصدقاء جدد وتنمي مهارات الاتصال والتناغم بين الفريق. كما يمكن أن تكون الألعاب مصدرًا للإثارة والإنجاز الذاتي، مما يعزز الثقة بالنفس عند الشعور بإتقان اللعبة.
ومع ذلك، فإن الجانب السلبي للأمر هو أنه عندما تتجاوز وقت اللعب الحد المعتدل - الذي يوصى عادة بحوالي ساعتين يوميًا حسب المعهد الوطني للصحة الأمريكي - فقد يؤدي ذلك إلى مشكلات صحية نفسية محتملة. أحد المخاوف الأساسية هو الاعتماد الزائد على الأجهزة الرقمية، والذي يُعرف أيضًا باسم "الإدمان". هذا النوع من الإدمان يشابه إدمان المواد الأخرى ويمكن أن يتسبب في عزلة اجتماعية وانخفاض مستوى التركيز وقلة النوم وغيرها من المشاكل الصحية البدنية والنفسية.
الأبحاث الحديثة تربط أيضا بين لعب ألعاب العنيفة وبروز أفكار عدوانية أو تصرفات عدائية لدى بعض اللاعبين، خاصة إذا كانوا ضمن عمر ال12 عاماً وما فوق. وهذا أمر مثير للقلق حيث يمكن أن يساهم في تطوير شخصية أكثر عدوانية أو حتى زيادة خطر التعرض للحوادث العنيفة خارج نطاق اللعبة.
بالإضافة لذلك، هناك مخاطر مرتبطة بالمشتريات الداخلية داخل الألعاب ("microtransactions"). قد يدفع الطفل أموال حقيقية لشراء عناصر افتراضية دون علم والديه الكامل، مما يمكن أن ينتج عنه تدني ذاتي ومشاعر غضب بسبب عدم الوصول للموارد المرغوبة. كذلك، قد تؤثر هذه الإنفاقات غير المدروسة على الوضع الاقتصادي لعائلة اللاعب.
في النهاية، الأمر ليس حول منع الأطفال تمامًا من لعب الألعاب الإلكترونية؛ فالاعتدال مفتاح كل شيء. يجب على الآباء والأمهات مراقبة استهلاك أبنائهم للألعاب وضبط توقيت وأعداد جلسات اللعب وفقًا لاحتياجات الطفل وقدراته العقلية والعاطفية والجسدية. ربما النظر في اختيار الألعاب المناسبة للعمر والتي تحتوي على قيم أخلاقية إيجابية واستخدام مرآة السلامة الرقمية كأداة مساعدة ستكون خطوات هامة نحو تحقيق توازن صحي ومنتظم بين العالم الواقعي وعالم الشاشة.