عندما يكون المرء مسيئاً لأبويه ويأسف بشدة لهذا التصرف بعد وفاة والديه، ليس لديه سداد للتعديات السابقة ولكن بإمكانه بالتأكيد أن يحقق توبة صادقة ومقبولة لدى الله عز وجل. تذكر دائماً أن عقوق الوالدين يعد من الكبائر وفقاً للسنة المطهرة، وقد حرّم الدين الإسلامي بكل تأكيده عقوقهما وردّ ذلك إلى مرتبة عالية جداً في التسلسل الذي وضعه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
العقوق يعني القيام بأفعال أو كلام مؤذي تجاه الأم والأب بدون سبب مشروع شرعاً. ومع ذلك، يسر ديننا أنه حتى تلك الخطايا المرتبطة بعلاقات الرابطة المقدسة كالأبوّة والإبنّة قابلة للإصلاح عبر التوبة. الآية القرآنية "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم." تشجع المسلمين على عدم اليأس من مغفرة رب العالمين بغض النظر عن حجم الخطيئة.
طلب المغفرة هنا يتضمن ثلاث مراحل رئيسية وهي: ترك المعصية تماماً, الشعور بالندم عليها وإرادة عدم الرجوع لها مجدداً مستقبلاً. قد يبدو البعض من هذه المتطلبات معقدة بسبب حالة الموت للأهل المباشرين، لكن كما يشرح الفقهاء، مجرد الشعور بالندم يكفي كونها أول شرط أساسي للتوصل لتوبة صحيحة حسب حديث الرسول محمد صلى الله عليه وسلم حيث يقول "الندم توبة". لذلك يجب التركيز على التأثر بما حدث والشعور بالحزن والحزن الداخلي فيما مضى.
ويتفق معظم علماء الدين الإسلامي حول صلاحية قبول توبة الشخص المحتسب سابقياً عندما يدخل مجال العجز عن ارتكاب الجريمة مرة أخرى كالقاتل المقيد مثلاً والذي لا يستطيع تكرار فعله الانتهازي مرة أخرى حالياً. إذن فالتوبة ليست فقط حق المدمن والمعتكف داخل حدود المجتمع ولكن كذلك الحق لمن تجاوز الحدود ولم يكن بوسعه إعادة عمل مشين آخر كهذا قبل الآن وبعد ممات آبائه أيضاً.
ختاماً، دعونا نتذكر دوماً أهمية تقديس علاقة الأخوة الروحية البشرية للأرواح الصغيرة والكبيرة وتعاطينا برفق مع روح الضمير الديني العميق فيها كلِّ وقت وكل لحظة لحياة أفضل لنا ولكل الأحباب الأعزاء بنا الأرضيين والسماويين أيضًا!