قدموس والسائق المنحوس
١
قبل أعوام استقدمتُ عن طريق أحد الأصدقاء سائقاً من أدغال بلده لا يعرف عن الحضارة شيئا.. خرج من قريته البدائية للدنيا رأسا.
حين استقبلتُه في المطار لاطفته، وحملت عنه حقيبته.
لي عادة لا أتركها.. عمالة منزلي جزء من أسرتي، هذا ما نشأتُ عليه، وما أوصي أبنائي به.
هل أنتم متحفزون لقراءة القصة؟!
أكمل سردها؟ أم أكمل شرب قهوتي؟ ?
٢
لم يكن يعرف أية لغة غير لغة قريته، وكنا نتفاهم بالملامح والإشارات وأحياناً بالرسومات.
الدهشة الأولى كانت في المطار حين انفتح باب المصعد، ودخلت حاملاً حقيبته، أما هو فتأخر قليلا ليخلع حذاءه، ثم دخل، كان يظن أننا على عتبات غرفة، فخلع نعليه، وأبقاهما في الخارج، ودخل على بركة الله.
٣
والدهشة الأخرى في سيارتي.. فتحتُ له باب السائق، وأشرتُ إليه أنِ انطلق بنا على بساط الريح، فركب واستوى على المقعد كدجاجة على بيض، حتى إذا استقر ركبتُ جواره، ومددتُ له المفتاح، فهز رأسه شاكرا، ووضعه في جيبه، وظل على مقعده شاخص البصر للأمام كمن ينتظر انطلاق السيارة من تلقاء نفسها!
٤
كررتُ عليه أمر الانطلاق، ووضعتُ يديه على المِقْوَد، وقلت: Gooooo، لكنه ظل ثابت الجسد مهتز الرأس كذيل أفعى!
الآن تأكدت أنه لا يعرف شيئا عن القيادة، بل لا يعرف ما وظيفة المِقْوَد!
توترت قليلا، ورحت أقلب أوراقا معه لأفهم شيئا، فإذ برخصته التي يحملها رخصة تشغيل مضخات لا رخصة قيادة!