- صاحب المنشور: أنيسة السبتي
ملخص النقاش:في عالم اليوم المتسارع نحو التحول الرقمي والتكنولوجي، تعاني العديد من المجتمعات من تحديات فريدة تتعلق بتكامل هذه التقنيات الجديدة مع القيم والثقافات المحلية. هذا الاتجاه العالمي يثير نقاشاً عميقاً حول كيفية تحقيق توازن بين الاستفادة القصوى من المزايا التي يوفرها العالم الرقمي وبين الحفاظ على الهوية الثقافية الأصيلة للمجتمعات المختلفة.
من جهة، تشكل وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الإلكتروني أدوات قوية لتعزيز الفهم المشترك وإحداث تغييرات اجتماعية إيجابية عبر الحدود الجغرافية والدينية والعرقية. تقدم هذه الشبكات فرصا هائلة للتواصل الثقافي، التعليم المستمر، وتبادل الأفكار والمعرفة بحرية أكبر مما كان ممكنًا سابقا. ولكن من الجانب الآخر، هناك مخاوف جدية بشأن التأثيرات المحتملة لهذه الثورة الرقمية على قيمنا وثقافتنا الخاصة. قد يؤدي التعرض الزائد للمعارف الغربية أو غير التقليدية إلى تآكل بعض العادات والتقاليد المحافظة، وهو الأمر الذي يمكن أن يشكل تهديدا للهوية الوطنية والدينية.
المشهد المحلي
في سياق الوطن العربي مثلا، حيث تتميز الثقافة بشموليتها ومتانتها التاريخية، فإن الاندماج الكامل في مشهد الإنترنت والعالم الرقمي يتطلب دراسة متأنية. إن الحفاظ على اللغة العربية كجزء حيوي من هويتنا الإسلامية والجغرافية له أهمية بالغة. استخدام اللغات الأجنبية الواسعة الانتشار مثل الإنجليزية داخل فضاء الانترنت يعزز انتشار المعلومات والمعرفة لكنه أيضا يحمل خطر فقدان جزء مهم من تراثنا وموروثنا الثقافي والفكري. لذلك، ينصب التركيز حاليًا على تطوير محتوى عربي رقمي فعال وجذاب يستهدف الشباب ويحافظ أيضًا على جذوره وأصالته الثقافية.
الجانب الديني والتوجيه الأخلاقي
بالإضافة إلى الاعتبارات الجغرافية والثقافية، تلعب الدين دوراً حاسماً في تحديد مدى قبول واستخدام الوسائل الحديثة. الإسلام دين شامل ويتعامل مع كل جوانب الحياة الإنسانية بما فيها العلاقات الاجتماعية والثقافية والمادية. بالتالي، فإنه يوجد توجهات دينية واضحة فيما يتصل باستخدام الإنترنت وغيرها من الأدوات الحديثة. يُشدد علماء الدين غالبًا على ضرورة مراقبة المحتوى والتحقق منه قبل مشاركته أو استخدامه لتتوافق مع المعايير الأخلاقية والإسلامية.
دور الحكومات والأفراد
تساهم الحكومات دور كبير في رسم السياسات العامة التي تضمن التوازن المنشود بين التقدم التقني والحفاظ على الهوية. وقد شهدنا مؤخرا خطوات عملية بهذا الاتجاه مثل سن قوانين لحماية البيانات الشخصية وتعزيز وجود الإنترنت الآمن للأطفال والشباب. كما يلعب المواطن دورا محوريا أيضا؛ فهو الطرف الأساسي المستخدم للتقنية ولديه القدرة على اختيار المحتويات المناسبة والتي تدعم هويته وهويته الدينية. هذا يعني أنه بإمكان الأشخاص اختيار المنتجات الإعلامية والثقافية التي تناسب رؤاهم وقيمهم الإسلامية.