هذه سلسلة تغريدات عن أثر الأوبئة على الأفكار.
قراءةً ممتعة ?
في القرن العاشر، كتب الرّحّالة العربيّ (المسعوديّ) عن أهل شمال أوروبّا "الّذين بعدت الشّمس عن سَمتهم، (...)، فغلب على نواحيهم البرد والرّطوبة، وتواترت الثّلوجُ عندهم والجليد، فقلّ مزاج الحرارة فيهم."
يتابع المسعوديّ واصفاً أهل شمال أوروبّا: "فعظمت أجسامُهم، وجفّت طبائعهم، وتوعّرت أخلاقُهم، وتبدّلت أفهامُهم، وثقلت ألسنتُهم، ..." حتّى قال: "ومن كان منهم أوغلَ في الشّمال فالغالب عليه الغباوة والجفاء والبهائميّة، وتزايد ذلك فيهم في الأبعد فالأبعد إلى الشّمال."
في القرن الحادي عشر، لم يبدُ لسان الدّين ابن الخطيب الغرناطيّ أكثرَ انبهاراً.
عدّ ابن الخطيب إسهاماتِ الأمم في العلوم فلمّا وصل شمال أوروبّا قال أنّ أهلها لم يكن لهم في ذلك ناقة أو جمل، وأنّهم كانوا وحوشاً أقرب منهم إلى البشر إذ لم يظهروا فهماً ولا نبوغاً.
لم تتبدّل الأمور كثيراً في القرنين التّاليين. ظلّت أعينُ الحالمين مصوّبة نحو الشّرق.
التمس روجر بيكون من البابا كلمنت الرّابع تمويل مشروع عظيم: موسوعة في العلوم الطّبيعيّة تجمع جديد معارف الشّرق. كان بيكون يتطلّع لترجمة الكتب العربيّة، وأوصى بدراسة اللّغات الشّرقية والإسلام.