الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يؤكد الدين الإسلامي على أهمية وجود "محرم" للمرأة عند سفرها أو القيام بأنشطة قد تكون فيها عرضة لخطر أو اختلاط بأجانب. وهذا ليس مجرد قيد على حرية المرأة، بل خطوة حكيمة لتحقيق توازن بين استقلاليتها واحتياجاتها الأمنية. فالرسول صلى الله عليه وسلم ناصح رجل أراد الجهاد بإرسال زوجته للحج بدلاً منه، معتبراً سلامة العائلة أولوية.
وعلى الرغم من هذه القاعدة العامة، لا يعني ذلك فرض شرط دائم للمحرم في كل تفاصيل حياة المرأة اليومية. إن كانت المسألة تتعلق بالحضور الطبيعي لأحد أفراد المجتمع مثل الجامعة أو المستشفى لشراء الأدوية، أو حتى الشراء من الأسواق المحلية، فلا يجب إجبار المحرم على المرافقة طالما أنها تستطيع التنقل بشكل مستقل وآمن. أما الأمور الأكثر حساسية كالاستشفاء بعيداً عن موطنها الأصلي، حيث يخشى التعرض للأذى خلال الرحلة مثلاً، هنا يجب أن يرافقها محرمها.
ويبدو واضحاً أن واجبات المحرم ليست عبئاً ثقيلاً؛ فهو مطلوب فقط حين يحتاج الأمر إلى حضوره الفعلي وليس لمراقبة كافة تصرفاتها الاعتيادية. وبالتالي، يجدر بنا مراعاة الظروف والأحوال الخاصة بكل حالة على حدة وفق منظور شامل لرغبات وانفعالات كلا الزوجين وتحديد الاحتياجات العملية لكل منهم. أخيراً وقبل كل شيء، دور الرجل المؤمن تجاه زوجته ينبع من البر والإحسان والتآزر الذي يدعو له القرآن والسنة النبوية الشريفة، كما ذكر الحديث القدسي "(..والله وفي عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)".
وفي النهاية نسأل الله الهداية والرشاد لنا جميعاً.