- صاحب المنشور: رتاج بن زينب
ملخص النقاش:
مع انتشار التكنولوجيا الحديثة وتطورها المتسارع، أصبح للتقنيات الرقمية دور بارز في حياتنا اليومية. لقد غيرت هذه التقنيات الطريقة التي نتواصل بها مع بعضنا البعض وكيف نخلق الذكريات وبناء الروابط العائلية. بينما توفر لنا وسائل التواصل الاجتماعي والأنشطة عبر الإنترنت طرقًا جديدة للتواصل والتفاعل البعيد المدى، فإن لها أيضًا جوانب سلبية تتعلق بالعلاقات الأسرية المقربة. إن تحليل هذا التأثير يتطلب النظر إلى كلا الجانبين الإيجابي والسالب لهذه الثورة التكنولوجية.
من ناحية، تشكل التكنولوجيا جسراً للتواصل الفعال بين أفراد الأسرة الذين يقطنون بعيداً جغرافياً. تتيح تطبيقات الفيديو الجماعية مثل Zoom أو Google Meet للمجموعات الكبيرة من الأقارب الاجتماع ومشاركة اللحظات الهامة - سواء كانت مناسبات عائلية خاصة أو مجرد دردشة يومية. بالإضافة لذلك، يمكن لألعاب الفيديو والعروض الترفيهية المشتركة عبر الإنترنت أن تجمع الأسرة حول شاشة واحدة حتى لو كانوا يعيشون تحت سقف مختلف. يُعدّ هذا مفيداً خصوصًا خلال فترات الحجر الصحي والحظر المفروضة بسبب جائحة كوفيد-19 حيث أصبحت التجمعات الشخصية محدودة بشدة.
وعلى الرغم من هذه المكاسب الواضحة، هناك مخاوف مستمرة بشأن الآثار المحتملة الضارة بالتفاعلات وجهًا لوجه داخل المنزل. فقد أدى الاعتماد الكبير على الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية إلى تقليص وقت الوجهة الحقيقي الذي يقضيه الأفراد ضمن بيئة الأسرة نفسها. قد يؤدي الانغماس المستمر في العالم الافتراضي إلى شعور بالنقص لدى بعض القاصرين والشباب بسبب عدم قدرتهم بمواجهة الواقع اجتماعيًا مباشرة مما يعرضهم لمزيدٍ من الضغوط النفسية والإجهاد العقلي. كما أثبتت الدراسات العلمية عدة مرات وجود رابط مباشر بين استخدام الشبكات الاجتماعية وقلة النوم لدي الشباب وهو أمر له تداعيات صحية طويلة المدى خطيرة.
كذلك، تستغل الشركات والمؤسسات التجارية بيانات المستخدم لتوجيه الحملات التسويقية وتحسين إيراداتها المالية وذلك بإعادة توجيه محتوى المواقع الإلكترونية حسب تاريخ التصفح الخاص بكل شخص والذي غالباً ما يشمل معلومات شخصية حساسة للغاية وأحيانًا حميمة جدًا. ويمكن لهذا النوع من التعقب البيئي الرقمي أن ينتهك خصوصية الأفراد ويخل بتوقعاتهم فيما يتصل بحماية المعلومات الخاصة بهم. ومن ثم فإنه من المهم تعزيز الوعي العام بأمان البيانات واستخدام الأدوات البرمجية المصممة لحماية الحياة الشخصية للأفراد ضد التدخل الخارجي غير المرغوب فيه. علاوة على كل ماسبق ذكرة أعلاه ،تساهم المنتديات المفتوحة عبر شبكة الإنترنت بنشر ثقافة الغرباء الغير مرغوب בה والتي تخالف الأعراف والقيم المجتمعية والثقافية لكل مجتمع. وقد أصبح الأطفال عرضة أكثر للإدمان على تلك المنصات نظراً لانفتاحها وعدم وجود رقابة فعالة عليها .فإن اتخذ إجراءات احترازية عند مشاركتها ولم يتم وضع حدول زمني لاستخدامها ستصبح مصدر تهديد وإزعاج لعلاقات الاسرة الداخلية.
وفي النهاية، يعد فهم الدور المركزي الذيتلعبه تكنولوجيا عصرنا الحديث ضروري لإدارة تأثيراتها بطريقة مسؤولة ومتوازنة. فلا شك ان للاستخدام المنظم للتقدم التكنولوجي فوائد جلية لكن نسخه المعيب لا محالة سيترك آثار جانبية سلبيّة علي نطاق واسع. وعلى سبيل المثال، اختيار نوع الأنشطة الرقمية المناسبة تتضمن ألعاب ذات طابع تعليمي وتعزيز المهارات وقدرات حل المشاكل عوض اللعب العدواني أو الرسومي وغير ذلك العديد من الخيارات الأخرى المتاحة حالياً.