في الإسلام، يُعتبر قراءة القرآن الكريم عملاً مباركاً يحقق العديد من الفوائد الروحية والمعنوية. وقد ورد في الحديث النبوي الشريف أن "لا تجعلوا بيوتكم مقابر"، حيث أكدت أحاديث متواترة أن الشيطان ينفر من البيوت التي يتم فيها تلاوة سورة البقرة، خاصة. إنها تعكس قوة الكلمة الطيبة وقدرتها على صرف تأثير الوساوس والشياطين.
وعلى الرغم من وجود اختلاف حول تحديد المدة الدقيقة لفترة ابتعاد الشيطان عن البيت بعد قراءة هذه السورة, فإن الرسائل الرئيسية للحكمة واضحة. أولاً، تحتفي هذه الآيات بسورة البقرة وتعظم مكانة القارئ لها؛ فهي تزكي القلب وترفع درجة المؤمن لدى الله سبحانه وتعالى. ثانياً، توضح أهمية الاستمرار والتعلق بكتاب الله في الحياة اليومية لطرد الأفكار الضارة وسلوكيات الانحرافات المحتملة.
ومع ذلك، يجب التأكيد هنا على نقطة هامة للغاية. رغم فوائد قراءة سورة البقرة, ليست مجرد فعل عبادة يكسب الثواب فقط, بل تتطلب أيضا تطبيق التعليمات والأحكام التي تشتمل عليها تلك الآيات. فالالتزام بها يعد أساسياً لتحقيق المناعة ضد غوائل المعاصي والعصيان. ومن غير المعقول الاعتقاد بأن المسلم يستطيع إبقاء منزله خاليا تمامًا من الطاقات الخبيثة بينما يغفل باستمرارية عن تنفيذ ما أمر الله به وتحريم ما حرمه.
وبالتالي, فإن الجمع المثالي بين التقرب إلى رب العالمين عبر تلاوة سورة البقرة وبين المحافظة على الحياة وفق توجيهات الشرع المطهر سيضمن البركة والخير لمنزل المرء بإذن الله عز وجل. إنه اتحاد بين التعبد الذاتي ومعايشة العبادة العملية مما يؤدي لنيل رضا الرب وحماية النفس البشرية من شرور الشياطين حسب وعد الكتاب العزيز: "وما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله".