الحمد لله وحده، لا شريك له، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
قد يدفع البعض بتطبيق "الاختلاط"، أي تعايش الرجال والنساء بغرض العمل أو الدراسة معًا دون حدود واضحة، استناداً إلى بعض الأحداث التاريخية المرتبطة بالنبي -صلى الله عليه وسلم-. ولكن يجب توضيح أن هذه المحاولات غير صحيحة وغير مقبولة شرعاً.
في الحديث الذي ذكرته، استضاف الرجل المسلم زوجته واحتفظ بإضاءة الضوء أمام الباب بينما ينام الزوجان وصغيرهما تحت سترة صغيرة؛ مما جعلهم يشعرون وكأن الطعام موجود رغم عدم وجوده فعلياً. وهذا الحدث ليس دعوة للاستخفاف بحرمة اختلاط الرجال بالنساء خارج نطاق العلاقات الشرعية. إن الظروف الاجتماعية والثقافية المختلفة بين الماضي والحاضر تستوجب فهماً جديداً لهذه القصص النبوية.
إن اتباع منهج علماء الإسلام الموحدين خير دليل لنا. فرغم اختلاف التفاصيل الزمانية والمكانية لتلك الحكايات، فإن جوهرها يبقى واضحاً: ضرورة احترام الحدود الفاصلة بين الرجال والنساء غير الأقارب للحفاظ على المجتمع من التلوث الأخلاقي المحتمل. كما حذّر العلماء الأفاضل مثل الشيخ ابن باز والشيخ محمد بن لطفي الصباغ ممن يستغل أحاديث الرسول الكريم لتحويلها لدليل للممارسات الحديثة المخالفة لعادات وقيم الإسلام الأصيلة.
فالاستناد إلى تلك الوقائع جزئياً فقط لإقامة حجّة لصالح الاختلاط يعد تشويهاً للأدلّة المقدسة ويضر بفهم عامة المسلمين للإسلام حق الإدراك والاستيعاب. لذلك، ندعو الجميع للتدقيق في أحكام ديننا والتأكّد منها عبر مراجع موثوقة قبل التقليد الأعمى لما يبدو مطابقيا للسلوك الاجتماعي التركيبي الحالي.