- صاحب المنشور: حمدان بن زكري
ملخص النقاش:
في المجتمعات العربية التقليدية، كانت المرأة غالباً محدودة الفرص ومُنْحَتْ العديد من الحقوق التي يعتبر الرجل أمرًا مفروغًا منه. ومع ذلك، شهد القرن العشرين والثاني والعشرون تغيرات هائلة حيث كافحت النساء العربيات لتحقيق حقوقهن وتأكيد وجودهن في مجالات مختلفة مثل التعليم، العمل، والسياسة. هذه الرحلة الطويلة والمليئة بالتحديات تظهر جلية عندما ننظر إلى التغييرات القانونية والاجتماعية على مدى العقود القليلة الماضية.
أولاً وقبل كل شيء، يعد التعليم أحد أهم الأسلحة بالنسبة للمرأة العربية للتغلب على قيودها التاريخية. فقد خاضت الكثير من الأمهات والأخوات والمعلمات معارك ضد الجهل والتقاليد المتسلطة للحصول على تعليم جيد لأبنائهِن وأسرهِن. وعلى الرغم من الصعوبات الكثيرة، حققت نسبة كبيرة من النساء مستويات عالية من التحصيل العلمي بالمقارنة مع السكان الذكور داخل البلاد نفسها وخارجها أيضاً. إلا أنه لايزال هناك حاجة لمزيدٍ من الدعم لزيادة معدلات الالتحاق بالأماكن الأكاديمية المرموقة خاصة تلك الموجودة في المناطق الريفية المحرومة وغيرها من الظروف البيئية القاسية الأخرى.
وفي نفس السياق، كان سوق العمل واحداً من أكبر الحواجز أمام مشاركة المرأة الاقتصادية. فالعديد منها تعرضت للتهميش وعدم التعرف عليها رسمياً ضمن قوة العمل الرسمية مما أدى بدوره لتشويه مصالحهن الاقتصادية وبالتالي تفويت فرص تطوير الذات والاستقلالية المالية. وفي حين انتشرت حملات تمكين المرأة اقتصاديًا مؤخرًا، تبقى هنالك مشكلات متجذرة ذات طابع بيئي وعائلي واجتماعي تؤثر بلا شك على قدرتها العملية العملية الفعلية. وهناك مثال آخر يستحق التدقيق وهو موضوع "العمل النازل" الذي يتمثل بتوظيف عمالة نسائية رخيصة الأسعار لإنجاز أعمال منزلية بدلا عن الرجال الذين يشغلون وظائف خارج البيت غالب الوقت بسبب الضغط الاجتماعي والقانوني المفروض عليهم منذ القدم والذي ينص بأنهم الأقوى بدنياً وجسديا وجاهزون أكثر لمثل هكذا مهمات. هذا النوع من الأعمال غير الرسمي - رغم اعتراف بعض البلدان بحقه لهؤلاء العامِلات تحت اسم "عمل منزلي"- لكن يبقي عرضه نقد واسع النطاق نظرا لنسبة تواجد الشابات فيه والتي تقارب الـ74%. علاوة على سابقات ذكرهن، فإن تغييرات جوهرية مطلوبة أيضا فيما يتعلق بقوانين الأحوال الشخصية والحريات الشخصية العامة والحفاظ على خصوصيتها لدى السيدات والسيدة. فحتى الآن توصل معظم قوانين الإرث وإجراءات الزواج والإنفصال قضائيًا لصالح الزوج/الأب/الأخ إلخ. بالإضافة لذلك فرض عقائد ثقافية وفكر ديني محافظ يحظر مثلا سفر الإنسان بدون ولي أو اذن شرعي وفق فهم البعض المؤطر لما يسمونه "الإسلام". إن مطالبة الناس بحرية اختيار نمط حياتهما الشخصي هي الخطوة الطبيعية التالية في مسعى تحقيق العدالة الاجتماعية المنشودة لكل أفراد مجتمعاتها بغض