إذا كنت تعمل في "صندوق" يُعنى بتقديم القروض للاستثمارات والمشاريع، سواء كانت عامة أو خاصة، ويقدم أيضًا منحًا ودعمًا لأبحاث ومبادرات مختلفة، فقد يكون لديك بعض الشكوك حول شرعية هذا العمل. دعنا نقسم الموضوع لتوضيح الأمور:
الحمد لله، يجب التنويه أولاً أنه محرم تماماً الإقراض بفوائد، بغض النظر عن مدى صغر هذه الفوائد. هذا أمر متفق عليه بين العلماء المسلمين، حيث قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم إن اشتراط زائد في القرض يعد رباً، حتى وإن كان شيئاً بسيطاً مثل حبّة واحدة. لذلك، أي قرض يتم شراطه بزيادة فهو حرام.
أما بالنسبة لعملك تحديداً، فإنه يحتوي على جانبين. الجانب الأول، وهو الأكثر أهمية، يتعلق بالإقراض الربوي. إذا كان غالب أعمال الصندوق يدور حول هذا النوع من القروض، فالعمل فيه يعتبر حرام، بما في ذلك الوظائف المرتبطة بهذه العملية كالكتابة أو المراجعة أو التأشير أو المحاسبة وغيرها. إثماً فاعلها يصل إلى مستوى إثم الآخذين للربا نفسه. وبالتالي، ينطبق التحريم أيضاً على الأعمال المتعلقة خارجياً ولكن داخل نفس النظام الذي يقوم أساساً على الربا.
ومع ذلك، إذا كانت أنشطة أخرى مشروعة ومعتبرة تشكل الجزء الأكبر من عمل الصندوق -مثل تقديم المنح مثلاً- فقد يمكن اعتبارها جائزة طالما أنها ليست وسيلة لإعانة الربا بشكل مباشر أو غير مباشر. وفي حالة وجود وظيفة تتعلق بإدارة أو مراجعة عمليات ربائية واضحة، فإن ذلك يصبح كذلك غير مشروع بسبب مساعدتك المحتملة لانتشار الربا.
من المهم ملاحظة أن العديد من الهيئات القانونية الإسلامية تعتبر العمل في البنوك الربوية بكل أشكالها غير قانوني بموجب الشريعة الإسلامية. استناداً إلى حكم سابق للجنة دائمة بشأن موظف أمني ليلي في بنك ربوي، توضح الفتوى أن التواجد الأمني وحده قد يشجع على ارتكاب مخالفات قانونية وأن البحث عن وسائل رزق مستقيمة خارج تلك البيئة هو الخيار الأنسب والأكثر استقامة وفق العقيدة الإسلامية. باختصار، بينما قد تكون هناك عناصر جيدة محتملة ضمن منظومة بيت الإنماء الخاص بك، إلا أن حضور المؤشرات الواضحة على الوقوف خلف الانتفاع برأس المال عبر القروض مقابل مقابلة مدفوعة -حتى لو بطريقة ممنهجة ومتدرجة- يُضعف بشدة جدوى الانخراط في هذا المجال عموماً.
