- صاحب المنشور: غرام المقراني
ملخص النقاش:
في عالم اليوم المتسارع الذي يسعى فيه الأفراد إلى تحقيق مستويات تعليمية عالية للحصول على فرص أفضل في الحياة العملية، يبرز سؤال مهم حول كيفية الجمع بين التعليم العالي والدين الإسلامي. هذا الموضوع يحمل أهمية خاصة للمجتمعات الإسلامية حيث يتم تشكيل الجيل القادم الذي سيصبح المهنيين والقادة المستقبليين.
منذ نشأته الأولى، شجع الإسلام التعلم والمعرفة باعتبارهما أساسيان لمكانة الفرد داخل المجتمع. القرآن الكريم مليء بالأيات التي تحض الإنسان على طلب العلم وتقديره. يقول الله عز وجل في سورة آل عمران: "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون". وهذا يشير بوضوح إلى قيمة المعرفة والمعلمين. كما أكد النبي محمد صلى الله عليه وسلم أيضاً على أهمية التعليم عندما قال: "طلب العلم فريضة على كل مسلم".
مع ذلك، يمكن أن يحدث تصادم محتمل مع الثقافات الغربية المسيطرة على معظم مؤسسات التعليم العالي العالمية. هذه المؤسسات غالباً ما تعتمد فلسفات وأساليب قد تتناقض مع القيم والمبادئ الإسلامية. الأمر يتعلق بتحديد الحدود بين الاحتياجات الأكاديمية والتزامات المرء الدينية والأخلاقية.
التحدي الأول هو الحفاظ على الهوية الدينية خلال سنوات الدراسة الجامعية الطويلة نسبياً والتي قد تكون بعيداً عن المنزل. العديد من الطلاب المسلمين يخضعون لضغوط اجتماعية وثقافية مختلفة أثناء دراستهم بالخارج، مما يؤدي بهم أحيانًا للابتعاد عن عاداتهم الروحية مثل الصلاة والصيام والتفاعلات الاجتماعية المحافظة الأخرى. لذلك، هناك حاجة لتوفير بيئة داعمة داخل حرم الجامعة أو خارجها تساعد هؤلاء الطلاب على مواصلة حياتهم الرّوحيّة بدون الشعور بالعزلة أو الضغط النفسي.
ثانيا، بعض مواد المناهج الدراسية ربما تحتوي على مواضيع تتعارض مع العقيدة الإسلامية. هنا يأتي دور الأساتذة والدعاة ذوي الخبرة لمساعدة الطلاب بفهم كيف ينبغي عليهم التعامل مع تلك المواضيع بطريقة تتماشى مع تعاليم ديننا الحنيف. بالإضافة إلى ذلك، يوجد عدد متزايد من البرامج الأكاديمية التي تأخذ في الاعتبار احتياجات الطلاب المسلميين وتوفر لهم خيارات تُرضي رغبتهم في الحصول على تعليم عالي وجودة ولكن ضمن إطار ديني محترم ومُناسب.
وفي النهاية، يمكن تحقيق توازن ناجح بين التعليم العالي والحياة الدينية من خلال خطوات مستهدفة ومتكاملة تبدأ منذ وقت مبكر قبل الانطلاق نحو رحلة التعليم العالي. يُنصح بشدة بأن يقوم الآباء والمعلمين والإرشاد الديني للشباب بإعداد شباب الأمس ليصبحوا ثقفاء وغزاة المستقبل بكل جوانبه. إن فهم واستخدام التقنية الحديثة وفوائدها، وبناء قوة الشخصية والثبات عليها أمام تحديات العالم الخارجي، يعد أمراً حيوياً لتحقيق نجاح شامل لكل طالب مسلِم طموح.