- صاحب المنشور: المكي بن عطية
ملخص النقاش:
في الوقت الذي تواجه فيه مجتمعاتنا العربية تحديات متعددة على مختلف الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، يبرز دور التعليم كرافعة أساسية لبناء شخصية شبابنا. فالتربية ليست مجرد نقل المعرفة الأكاديمية بل هي عملية شاملة تهدف إلى غرس القيم والمبادئ التي تشكل الأساس لأخلاق الفرد وسلوكاته. إن تعزيز هذه القيم خلال مرحلة الطفولة والمراهقة يمكن أن يسهم بشكل كبير في تطوير جيل قادر على مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية وبناء مستقبل أكثر ازدهارًا واستقرارًا.
من المهم أن ننظر إلى التربية الأخلاقية ليس كمرفق ثانوي للتعليم ولكنه جزء حيوي منه. يتعين علينا إدراك أن الأجيال المتعلمة والأكثر معرفة لن تكون ذات جدوى إلا إذا كانت تلك المعرفة محكومة بقيم أخلاقية راسخة. فالتعلم الذكي النافع هو ما يعزز الإيمان بالقيم الإنسانية العليا مثل العدل والإيثار والتسامح واحترام الآخرين بغض النظر عن الاختلافات الثقافية أو الدينية.
**القيم الأساسية للتربية الأخلاقية**:
**1. حب الوطن والانتماء إليه**
يتطلب هذا الجانب تعميق الوعي الوطني لدى الشباب وتعريفهم بتاريخ وطنهم وأمجاده وأدواره المحورية في المنطقة والعالم الإسلامي والعربي الكبير. كما يشمل ذلك تقدير البيئة الطبيعية والثقافة الشعبية وموروثاتها الغنية. عندما يكن الشاب احترامه ووطنيتّه لهذه الجذور، سيصبح أكثر عرضة للمساهمة الفعالة في رفعة وطنه وتنميته المستدامة.
**2. الانضباط الذاتي والمسؤولية**
الانضباط الذاتي يقصد به القدرة على التحكم بالنفس واتخاذ القرارات الصائبة حتى بدون وجود رقابة خارجية مباشرة. بينما تشير المسؤولية هنا إلى الشعور بالواجب تجاه النفس والمجتمع سواء كان العمل فرديا أم ضمن فريق عمل مشترك. يستطيع التعليم ترسيخ هذين العنصرين عبر تبني نظام تربوي يحترم الطالب ويوجِّهه نحو تحقيق طموحاته الخاصة مع إيلاء أهمية لإعداد أفراد مسؤولين اجتماعياً وقادرة على تحمل مسؤولياتهن يومًا ما.
**3. التعاطف والتسامح**
تعلم التعاطف يعني فهم وجهات نظر مختلفة والاستماع إليها باحترام مما يساعد في تقليل حدة الخلافات المجتمعية وزيادة فرص الوحدة الوطنية بين مختلف شرائح المجتمع الواحد. أما التسامح فهو مفتاح تخطي العقبات والصدمات اليومية بالحياة وهو دليل قوي على الرقي الروحي والنضوج العاطفي للأفراد. ومن خلال تشجيع المناقشات المفتوحة داخل المدارس وحث الأطفال والشباب على إبداء آراء مخالفة وآليات حل المشاكل بطرق سلمية وغير عدوانية، سنكون قد خطونا خطوة كبيرة نحو خلق جيلاً تسامحيًّا ومتفاعلًا إيجابيًا مع بيئتِه الداخلية والخارجية أيضًا.
**4. الاحترام المتبادل والكرامة البشرية**
تشجع التربية الأخلاقية على احترام الكيان البشري بأشكاله وأنواع اختلافاته المختلفة وبدون تحيز جنسي أو عرقي أو ديني أو ثقافي ذو طبيعة سلبية. وهذا النوع من التربية يعد أساسًا مهمًّا لإنشاء مجتمع صحي حيث يتم الاعتراف بحقوق كل شخص وكرامته المستمدة من عقيدتهم الإسلامية التي تؤكد على المساواة أمام الله عزَّ وجلّ وتحثُّ المسلمين دومَا على حسن الظن بهم جميعاً: "ولا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون". [سورة الأنفال الآية رقم 27].
**استراتيجيات لتطوير التربية الأخلاقية في التعليم**
* دمج المحتوى الأخلاقي ضمن المنهاج الدراسي: بإمكان المعلمين تضمين قصص واقعية ومعاصرة تتناول موضوعات تتعلق بالأخلاق والقيم أثناء تقديم شرح المواد العلمية التقليدية وذلك بهدف ربط مفاهيم الحياة الواقعية بالممارسات العملية الموجودة بالفعل في صفوف الفصل الدراسي والتي تثبت فعاليتها فيما يخص تنمية مهارات اتخاذ القرارات وإدارة المواقف الحرجة بكفاءة أكبر بكثير مقارنة بنظريتها المجردة فقط .
*