ملخص النقاش:
في هذه المحادثة الفكرية، يتخذ مشاركون من مختلف الخلفيات تجولًا في غمار أزمة التعقيد والسيطرة على الخطاب حول الواقع. النقاش يبدأ بفتحية من فتحي الدين العامري، الذي يؤكد أن تجريد الواقع إلى مجرد "صناعة" للمعقّد يغفل عن جوانبه المتشابكة. ويرى أن الواقع، بما في ذلك تعقيده، يستحق التقدير والدراسة، حيث أنه ليس فقط مجموعة من التفاعلات، بل هو شاملًا للحوادث غير المتوقعة التي تُلهم الخطاب الأكاديمي والسياسي.
النظرة إلى "الصناعة" للمعقّد
ثريا المزابي، في ردها على فتحي الدين، تشير إلى أن مسألة التعقيد قد لا تكون جوهرية في الواقع نفسه بل يمكن أن تكون مُصطنعة من خلال صناعة المعقّد. وتعتقد أن ذلك قد يخلق وعيًا بأن الواقع ليس كما هو مشتملا على تعقيدات طبيعية، بل إنه مُحشر في أذهاننا من قِبَل من يسيطرون على الخطاب.
الدفاع عن التعقيد
يتجه فتحي الدين للاستجابة برأي أن رؤية الواقع كمجرد مصطنع قد تُخفِّف من التوقعات الفكرية والحرج الاجتماعي المبرمج ضد التغيير الجذري. يؤكد أن الأمور لا ينبغي تبسيطها إلى درجة عدم الاعتراف بالواقع في كل مستوى من مستوياته، سواء كان طبيعيًا أو اجتماعيًا. ويرى أن المنظور المصغر يحد من رؤيتنا للكل، ما قد يؤدي إلى تفاؤل مضلل أو خسارة البصيرة التحليلية. ومن هذه الناحية، فإنه يدعو إلى التعامل مع "المعقّد" كجزء لا يتجزأ من فهمنا للواقع.
السيطرة على الخطاب وصناعة الواعي
يبقى نقد ثريا المزابي محوريًا في استفسارها حول كيفية تشكيل "المعقّد" وترسيمه من قِبل من يسيطرون على الخطاب. هذا التوجه يثير تساؤلات أوسع نطاقًا حول كيفية صناعة الوعي والتأثير في فكرة المجتمع عن الحقيقة والبساطة. يُظهر هذا تشابك السلطة والمعرفة حيث يتم إنشاء نوع من "المعقد" المصطنع لخدمة مصالح معيَّنة.
مجمل الأمر، هذا التبادل الفكري يُسلِّط الضوء على حقيقة أن المعرفة بالواقع وتشكيله ليست محصورة في نوايا صادقة فحسب، بل تخضع لعمليات سلطة وتأثير. يُظهر النقاش أن التعامل مع "المعقّد" هو عنصر حاسم في فك شفرة كيفية صياغة وسائل المعلومات والسيطرة على الخطاب، ويبرز الحاجة إلى نهج نقدي يتجاوز النظرة التقليدية لفهم مدى تأثير هذه العمليات في حياتنا اليومية.