كان مَعْن بن زائدة من أصحاب يزيد بن عمر بن هبيرة -آخر ولاة الأمويين على العراق- وكان مستتراً، حتى كان يوم الهاشمية، فلما نظر إلى القوم وقد وثبوا على المنصور تقدم فأخذ بلجام بغلته؛ وجعل يضربهم بالسّيف، فلما أفرجوا له وتفرّقوا عنه قال له: من أنت ويحك! قال: أنا طِلْبتك معن بن زائدة
وحين انصرف المنصور حباه وكساه، وقلَّده اليمن، فلمّا قدم عليه، سلّم عليه، فقال له: لا حياك الله! هيه يا معن! تعطى مروان بن أبى حفصة مائة ألف درهم على قوله:
معنُ بنُ زائدَةَ الذي زِيدَت بهِ
شرفاً على شرفٍ بنو شيبانِ
إِن عُدُّ أَيامُ الفِعالِ فإِنَّما
يوماهُ يومُ ندىً ويومُ طِعانِ
فقال: كلّا يا أمير المؤمنين؛ ما أعطيته إلا على قوله:
ما زِلتَ يَومَ الهاشِمِيَّةِ مُعلِناً
بِالسَّيفِ دُونَ خَليفَةِ الرَّحمانِ
فَمَنَعتَ حَوزَتَهُ وَكُنتَ وِقاءَهُ
مِنْ وَقعِ كُلِّ مُهَنَّدٍ وَسِنانِ
فرمى المنصور برأسه على صدره مُطرِقاً؛ كأنّهُ استحيا.