- صاحب المنشور: المنصور بن زيد
ملخص النقاش:
لقد أدخلت الثورة الرقمية تغيّرات عميقة في حياتنا اليومية، مما ترك أثراً مباشراً على طبيعة علاقاتنا الاجتماعية. فالتواصل عبر الإنترنت أصبح جزءاً أساسياً من حياة الكثيرين، حيث يمكن للأفراد التواصل مع بعضهم البعض بغض النظر عن المسافة الفاصلة بينهم. ولكن رغم هذه الأبعاد الجديدة للعلاقات التي أتاحت لنا التقنية الحديثة، إلا أنها رفعت أيضاً العديد من القضايا والتحديات المتعلقة بالعلاقات الشخصية.
الإيجابيات: توسيع دائرة التواصل
أولى مزايا تكنولوجيا الاتصال تكمن في قدرتها على تقريب الناس وتوسيع دوائر اتصالاتهم أكثر بكثير مما كان ممكنًا سابقًا. من خلال المنصات الرقمية مثل وسائل التواصل الاجتماعي ومجموعات الدردشة، يصبح بإمكان الأشخاص البقاء على اتصال بأصدقاء وأقارب لم يكن بمقدورهم لقاءهم شخصيًا بسبب بعد المسافة أو جدول الأعمال المضغوط. هذا الأمر مفيد خاصة لأولئك الذين يعيشون بعيدًا عن وطنهم الأصلي ويتوقون للحفاظ على الروابط العائلية.
بالإضافة إلى ذلك، توفر شبكة الإنترنت فرص عمل جديدة وغالبًا ما تكون مرنة، تسمح للناس بالعمل من المنزل وبناء مهنيتهم الخاصة خارج الحدود الجغرافية التقليدية للمكاتب والمؤسسات الكبيرة. يعمل هذا النوع الجديد من العمل الحر -أو "الاقتصاد الظليل"- على تمكين الأفراد سواء كانوا موظفين مستقلاً أم رواد أعمال صغيري الحجم ليحققوا الاستقلال الاقتصادي ويطوروا قدراته معتمدين كليا على قدرتهم الذاتية والإبداعية.
السلبيات: الانعزال والانشغال الزائد
على الرغم من الفوائد الواضحة للتكنولوجيا في تعزيز التواصل والعلاقات الإنسانية، هناك أيضًا جوانب سلبية محتملة. فالاعتماد الكبير عليها قد يؤدي تدريجيا نحو عزلة اجتماعية حقيقية وسط تجمعات رقمية خالية من اللمسة البشرية الضرورية للإنسان. بالإضافة لذلك فإن استخدام الهاتف المحمول والأجهزة الرقمية الأخرى بوتيرة عالية أثناء وجودك برفقة الآخرين يجبر الجميع على التركيز بنسبة ضئيلة جدًا على الحديث والحوار الذي يحدث أمام أعينهم مباشرة - وهو ما يعد تجربة فقيرة بالمقارنة بتلك التجارب الغامضة التي نملكها عندما نتحدث وجهًا لوجه بدون أي انحرافات محتملة حولنا!
كما يشكل الانشغال المستمر بهذه الأجهزة تهديدا لحياة عائلية متماسكة؛ فعندما يقضي أفراد الأسرة معظم وقتهم في تصفح هاتفه الذكي أو جهاز الكمبيوتر الشخصي الخاص بهم، فقد يتسبب ذلك في شعور كل منهم بأنه غير مرغوب فيه داخل البيئة الأسرية المقيمة معه تحت سقف واحد... وفي تلك اللحظة ستكون قد تحولت الحياة الزوجية وعلاقة الآباء بالأطفال إلى مجرد صداقات سطحية ومفارقة للحقيقة تمامًا! لذا وجب التحذير هنا بأن يتم تنظيم وقت الشاشة وأن يتم تشكيل حدود واضحة لكل فرد مما يساعد جميع أفراد الأسرة باحترامخصوصيات ومساحات شخصية بعضهم البعض والتي تعد ركيزة أساسية لبناء علاقة صحية ومنفتحة مع محيط المرء المعاش يومياً .
في الختام ، إن تأثيرات التطورات التقنية الأخيرة على نوعيتنا الاجتماعية مليئة بالتناقضات والصراع الداخلي ؛ فهناك بالفعل جانب مشرق لهذه المساحة الإلكترونية التي تربط البشر سويا لكن الجانب المظلم منها يستعرض مخاطر تبدو جلية وهي تتعلق بدرجة اعتماد المستخدم المبالغة عليها مقابل حرمان نفسه وإبعاده للجوانب الأكثر أهميتها في التعامل البشري الطبيعي المعتدل والذي يجب دوما البحث له عن سبيل مناسب ومتوافق لتطبيقه بصورة مبتكرة تضفي المزيد من الراحة والسعادة للعائلات كوحدة مجتمعيه واحدة بحفظ الله ورعايته الدائمة.