يردد كثيرون مقولة "التاريخ يكتبه المنتصرون" وكأنها قاعدة معرفية يستقيم عليها بناء المعرفة التاريخية، بل صار العديد يعتمد عليها كأنها من بين الحقائق المطلقة التي تقبل آليا دون مناقشة أو مساءلة.
في أصل المقولة
يستعمل البعض مقولة "التاريخ يكتبه المنتصرون" وكأنها عصارة جهد أهل الاختصاص من المؤرخين أو هي حصيلة تراكم المعرفة في مجال فلسفة التاريخ، والحال أنها ظهرت في ظروف تاريخية معينة هي التي أعطتها شحنتها وحددت معناها.
في فرنسا تنسب المقولة إلى المتطرف اليميني روبار برازياك الذي عرف بنشاطه مع النازيين كما عُرف بمواقفه المتطرفة التي عبر عنها في النشريات التي أشرف عليها
تورد بعض المصادر أنه قال "التاريخ يكتبه المنتصرين" عندما كان سينفذ عليه حكم الإعدام سنة 1945 بتهمة الخيانة والتعامل مع العدو.
أما من وجهة نظر أكاديمية فتنسب المقولة إلى المفكر الألماني المتأثر بالمادية التاريخية والتر بنيامين.وهو في الحقيقة استعملها من جانب نقدي سنة1940كي يميز بين ناسخ التاريخ أو مدون الأخبار الذي يتأثر بالمنتصر وبما هو ظاهر،وبين المؤرخ الذي وجب عليه الاهتمام بالإنسان منتصر كان أم منهزم
من الواضح أن من يرددون مقولة "التاريخ يصنعه المنتصرون" لا يعرفون أن القصد منها ليس تقديم تصور للتاريخ كعلم، بل كان القصد تمجيد مقولة العظمة التي انتشرت في الفكر السياسي اليميني في فترة ما بين الحربين.