في كتاب الله العزيز، نجد تناقضاً ظاهرياً في استخدام عبارتي "السماوات والأرض" وفي "عرصتها"، وذلك في الآيتين الكريمتين من سور آل عمران والحديد:
سورة آل عمران، آية 133: ... عرضها السماوات والأرض...
سورة الحديد، آية 21: ... عرضها كعرض السماء والأرض...
هذا الاختلاف ليس صدفة، ولكنه يحمل معنى عميقاً. يفسر علماء الدين الإسلامي هاتين الآيتين بناءً على دلالاتهما اللغوية والفنية.
وفقاً للقاعدة العامة، يمكن فهم هذين الاختلافين من خلال نوع المبالغة المستخدمة في كل حالة. في آية آل عمران، التي تحث على الجهاد والفداء, يتم استخدام جمع "السماوات" للإشارة إلى امتداد واسع غير محدد تماما، مما يدعو المتلقين إلى تصور عظم وعدم تحديد ميادين الجنة. بينما في سورة الحديد، والتي تتحدث بشكل مباشر عن الجنة، يستخدم المفرد "السماء" لتوضيح المقارنة بدقة أكبر بين عرض الجنة وبين ما قد يكون الأكثر شهرة لدى البشر آنذاك والذي هم الأرض والسماء.
بالإضافة إلى ذلك، تشير الآيات إلى معرفة العرب قديمة بعلم الفلك بما يشمل وجود عدة سماوات فوق الأرض حسب عقيدتهم القديمة المستمدة غالباً من ديانة آبائهم إبراهيم عليهم السلام. وهذا واضح فيما نقله البعض عن ورقة بن نوفل وغيره ممن استخدموا مصطلحات مثل "السماوات" متعددة الرقم.
وفي النهاية، فإن اختلاف التركيب النحوي لهذه العبارات يساهم في تعزيز جمال اللغة العربية وغناها الدلالي وتنوع أساليب التعبير القرآني الفريد الذي يغوص بنا نحو عمق المعنى بكل سهولة وروعة.