- صاحب المنشور: حسان الدين الدكالي
ملخص النقاش:
لقد أدت الثورة التكنولوجية الحديثة إلى تحول كبير في عاداتنا اليومية وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياة الكثيرين. لكن هذا التحول قد يطرح بعض التساؤلات حول تأثيره على جوانب حياتنا الأخرى، خاصة الصحة النفسية. تشير الدراسات الأخيرة إلى وجود علاقة معقدة بين الاستخدام المكثف للتكنولوجيا والصحة العقلية للإنسان.
في السنوات القليلة الماضية، أصبح العالم أكثر اتصالا بسبب الوسائل الرقمية المتاحة. الأجهزة المحمولة والإنترنت جعلتا المعلومات والعلاقات الاجتماعية في متناول الجميع. ومع ذلك، فإن هذه الراحة التي توفرها التكنولوجيا تأتي بثمن غالٍ. فقد ارتبط استخدام الشاشات لفترات طويلة بمجموعة من المشكلات الصحية العقلية مثل الاكتئاب، القلق، اضطرابات النوم، وتراجع الوظيفة التنفيذية.
أحد العوامل الرئيسية هي "التشتت". عندما نقضي ساعات أمام شاشة الهاتف أو الكمبيوتر، نحن نتعرض باستمرار للأنشطة المتنوعة - الرسائل، البريد الإلكتروني، وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها. وهذا يمكن أن يؤدي إلى تشتيت انتباه مستمر مما يعيق التركيز ويسبب ضغوطاً نفسية غير ضرورية. بالإضافة لذلك، فإن الضوء الصادر من الشاشات قد يحجب إنتاج الجسم للميلاتونين، وهو هرمون مهم ينظم دورة النوم والاستيقاظ لدينا.
كما أثبتت الأبحاث أن هناك ارتباطا قويا بين الهوس باستخدام الهواتف الذكية وزيادة حالات الاكتئاب لدى الشباب. فالأدوار الجديدة التي تلعبها هذه الأدوات كوسيط رئيسي للأحاديث الاجتماعية والتواصل اليومي تساهم في خلق شعور بعدم الكفاءة الذاتية والإحباط عندما يتم تجاهلها أو عدم استجابتنا لها بسرعة.
علاوة على ذلك، فإن الفضاء الافتراضي الذي تقدمه الإنترنت ليس دائما محتملا بأمان. التعرض المستمر للحملات السلبية عبر مواقع التواصل الاجتماعي مثلاً، يمكن أن يساهم أيضا في ظهور علامات للاضطرابات النفسية كالاكتئاب والقرف العام بالحياة.
بناءً على كل ما سبق، يبدو واضحاً بأن الحفاظ على توازن صحي في استخدام التكنولوجيا أمر بالغ الأهمية لصحتنا النفسية. إن إدراك الحدود اللازمة لتجنب الآثار السلبية لهذه التقنيات يعد خطوة حاسمة نحو تحقيق رفاهية أفضل.