- صاحب المنشور: ثامر بن البشير
ملخص النقاش:
التقدم التكنولوجي المستمر يغير العالم بنطاق واسع، ولا يبقى أي جانب من جوانب الحياة البشرية بعيداً عن تأثيراتها. أحد الأبعاد الأساسية التي أثرت عليها هي القيم الاجتماعية والثقافية للأفراد والمجتمعات حول العالم. هذه التأثير ليس محدوداً بفئة عمرية معينة أو موقع جغرافي محدد؛ فهو شاملاً ومُتعدّداً الجوانب.
على نحو إيجابي، يمكن للتكنولوجيا تعزيز التواصل والتفاعل بين الناس بغض النظر عن المسافات الفاصلة بينهم. وسائل التواصل الاجتماعي مثل تويتر وفيسبوك وإنستغرام وغيرها تسهّل عملية تبادل الأفكار والمعرفة والخبرات الثقافية المختلفة. هذا الانفتاح العالمي يسمح بتبادل أفضل للممارسات والقيم الحضارية مما يؤدي إلى زيادة الفهم المتبادل وتقليص العزلة الثقافية. كما أنها تقدم فرصًا جديدة للتعلم الذاتي عبر المنصات التعليمية الرقمية وموارد المعرفة المفتوحة المصدر والتي تساهم في تطوير القدرات المعرفية والفكرية.
من الجانب الآخر، هناك مخاطر محتملة مرتبطة باستخدام التقنية الحديثة. قد تؤدي الزيادة الكبيرة في استخدام الهاتف المحمول والأجهزة الإلكترونية الأخرى إلى انخفاض الاحتكاك الاجتماعي المباشر، وهو أمر حيوي لتطوير العلاقات الإنسانية والدعم النفسي. بالإضافة لذلك، فإن التعرض المفرط لمحتوى غير مناسب عبر الإنترنت -خاصة لدى الشباب- يمكن أن يشكل تحدياً كبيراً لقيم المجتمع وثوابته الدينية والإسلامية تحديداً حيث تشجع الشريعة الإسلامية على طاعة الله وطاعة رسوله واتباع هديه فيما يتعلق بسلوكياتنا وعاداتنا اليومية واستخدام تكنولوجيتنا أيضًا.
وفي نفس السياق، أدى ظهور المحتوى الافتراضي إلى تغيير موازين القوة بالنسبة للقيمة الحقيقية مقابل الظاهر منها. أصبح البعض أكثر اهتماماً بالعروض العامة لحياتهم ("الواجهة") مقارنة بالحياة الواقعية عموماً وبالتالي فقدان التركيز على تحقيق قيم داخلية حقيقية وذات مغزى أكبر.
لذا فإنه رغم فوائد التكنولوجيا الواضحة إلا أنه ينبغي علينا أيضاً مراقبة الآثار الجانبية لهذه الثورة الصناعية الجديدة وتطبيق ضوابط دينية واجتماعية للحفاظ على تماسك مجتمعنا وقيمه الراسخة وسط عالم متطور باستمرار ومتداخل تقنيا. إن الجمع بين الاستفادة القصوى من التقنيات المتاحة والحفاظ على هويتنا الثقافية والدينية يعد مفتاحا رئيسيا لتحقيق توازن مستدام في القرن الحالي وما سيأتي بعده.