حكم منع شخص من مشاركة مراسم الدفن والجنازة بناءً على وصية: دليل شرعي شامل

في حال طلب أحد أفراد أسرتك مرضاً، كتلك التي ذكرتها حول عدم الرغبة برؤيتك خلال مراحل مختلفة من دورتها الأخيرة، قد تشعر بالارتباك والقلق بشأن الطريقة ال

في حال طلب أحد أفراد أسرتك مرضاً، كتلك التي ذكرتها حول عدم الرغبة برؤيتك خلال مراحل مختلفة من دورتها الأخيرة، قد تشعر بالارتباك والقلق بشأن الطريقة المناسبة للاستجابة لهذه الوصية. وفقاً للشريعة الإسلامية، هناك عدة جوانب مهمة لتوضيح هذا الأمر.

أولاً، إن كنت بريئاً تمام البراءة مما اتُّهمت به، مثل عدم التدخل في ممتلكاتها بشكل غير قانوني أو غير أخلاقي، فلا يوجد أي سبب لإخضاع نفسك لهذا التأثير السلبي. يقول القرآن الكريم في سورة البقرة الآيات 155-157: "وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون". هذه الآيات تعكس روح الصبر والثبات أمام المصائب، وهو أمر ستكون مكافأتك عليه رضوان الله ورعايته.

ثانيًا، فيما يتعلق بتنفيذ الوصية نفسها، تعتبر الوصية التي تدعو إلى قطع العلاقات الاجتماعية ومقاطعة أحباء ميت قبل وفاته وبعده، وصية غير مقبولة شرعاً. وذلك لأن بها دعوة إلى قطيعة الرحم، وهي أمر مكروه في الإسلام. يؤكد علماء الفقه أنه لا يجوز تنفيذ أي جزء من الوصايا التي تحتوي على أعمال غير مرغوبة دينياً. وهكذا، فالوصية برفض رؤية الإنسان أثناء الحياة والموت والتعازي وغير ذلك هي خارج نطاق الوصايا المرغوبة والتي يمكن تنفيذها شرعاً.

يشدد الفقهاء أيضاً على ضرورة مراعاة شرطين أساسيين عند النظر في الوصية: ألا تكون المعصية أو المحرم شرعاً وما ليس بمقدور المُوصِي دفع الثمن عنه نقداً أو عينياً. بالإضافة لذلك، تتطلب معظم الفتاوى أن يكون موضوع الوصية ملكية مادية قابلة للتقييم والقيمة ويمكن تسليمها لشخص آخر بعد وفاة صاحبها.

لكن بالنظر لحالة الجدتك الخاصة، فإن مطالبها تخالف تلك الضوابط الأساسية للوصاية الشرعية. فهي لا ترتبط بالملكية المادية القابلة للتحويل ولكن بالعلاقات الشخصية والعاطفية التي لها أهميتها الروحية والمعنوية الكبيرة لدى المسلم. بالتالي، فإن تجاهل مطلبها وحضور مناسبات الدفن والصلاة والتعبير عن التعاطف يعد مطابقاً للقواعد القانونية والأخلاقيّة للدين الإسلامي.

وفي النهاية، تجدر الإشارة إلى المقاصد الرئيسية للحياة البشرية حسب منظور المسلمين: تحقيق العدل والإصلاح الاجتماعي والحفاظ على حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية وتعزيز روابط المجتمع ووحدة الأسر واحترام كبار السن ومعاملة الآخرين بالحسنى طوال العمر حتى اللحظات الأخيرة منه تحت سقف واحد تحت سقف إيماني جامع. ومن الواجب الحرص دوماً على تطبيق هذه المبادئ بغض النظر عن الظروف الخارجة عن سيطرتنا والتي قد تبدو معاكسة للأمر الطبيعي للسلوك العائلي والسلوكي العام المعتاد داخل بيوت المؤمنين المبنية بحب وخوف وطاعة لأوامر الخالق الواحد القدير جل اسمه وعظيم قدره. وفقكم الله لكل خير وسدد خطاكم واتخذكم ذخراً لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وسلم.


الفقيه أبو محمد

17997 مدونة المشاركات

التعليقات