- صاحب المنشور: رياض الدين بن شقرون
ملخص النقاش:
في عصرنا الحالي الذي تتداخل فيه التغيرات الرقمية والتكنولوجية بتنوعها غير المسبوق مع القيم الأساسية للديمقراطية والاقتصاد الحر، تبرز تحديات جديدة تثير تساؤلات حول مدى قدرة النظامين على مواصلة التوازن والاستقرار. هذه الأزمة المتزايدة في الثقة تشكل أرضًا خصبة للنقاش المستمر، وتتطلب فهماً شاملاً لكيفية تأثير كل منهما على الآخر.
بدأت جذور هذه المشكلة عندما بدأ اقتصاد السوق العالمي يستنزف قيمة المؤسسات الديمقراطية التقليدية. حيث أصبح الاهتمام الأول لبعض الشركات هو الربحية القصوى بغض النظر عن العواقب الاجتماعية أو البيئية. هذا التحول نحو رأسمالية أكثر عدوانية يبدو أنه يهدد جوهر الديمقراطية التي تعتمد على العدالة الاجتماعية والمشاركة العامة.
على الجانب المقابل، فإن الفشل في تحقيق نتائج اجتماعية واقتصادية مرضية أدى إلى شعور بالشك وعدم الاطمئنان لدى العديد من المواطنين. وقد زاد انتشار الأخبار الزائفة عبر الإنترنت والتصويت الخاطئ في الانتخابات من هذه المخاوف. بل إن بعض السياسيين الذين يدعون بأنهم "محاربو النخبة" قد استغلوا هذه الغضب لتبرير سياسات أحادية الجانب تهدد بقاء مؤسسات مثل الصحافة المستقلة والقضاء الحيادي.
إن عدم القدرة على تنظيم البيانات الشخصية والأمن السيبراني بشكل فعال هي أيضًا مصدر آخر للأزمات. فمعظم البيانات الآن عبارة عن ملكية لشركات عملاقة تستثمر بكثرة في تقنيات التعلم الآلي وتحليل البيانات الكبيرة - وهي تكنولوجيا يمكن استخدامها لصالح عدد محدود من الأفراد الذين لديهم القدرة المالية للاستثمار بها. وهذا الوضع يخلق حالة من عدم المساواة في الوصول والمعرفة مما يقوض أساساً أساسياً للديمقراطية وهو حرية المعلومات والتعبير.
للتغلب على ذلك، يجب إعادة تحديد العلاقات بين الحكومات والشركات. وينبغي للحكومات العمل على وضع قوانين تضمن التوازن بين المصالح التجارية ومصلحة المجتمع ككل. بالإضافة لذلك، هناك حاجة ماسة لإعادة تعريف دور الشركات نفسها؛ ليس كمجموعات محضة لتحقيق الربح ولكن كنقطة انطلاق للتغيير الاجتماعي الإيجابي. وفي الوقت نفسه، ينبغي تعزيز التعليم العام حول كيفية الاستخدام الآمن للمعلومات والنظام السياسي.
وفي نهاية المطاف، يتطلب هذا التحدي توافقاً عالمياً جماعياً لاتخاذ الخطوات اللازمة لتعزيز نظام ديمقراطي مستدام ويعمل جنباً إلى جنب مع الاقتصاد الحر بطريقة تحافظ على الحقوق الإنسانية الأساسية وتعزز نوعية الحياة لكل فرد داخل مجتمع عالم مترابط ومترابط للغاية.