بالرغم من كون درجات الجنة مرتفعة ومتنوعة، فإن مكانة الأنبياء ظلت تتفرد باستثنائيّة إضافية حتى الآن. وبحسب تصريحات المؤرخين المسلمين مثل بدر الدين الداماميني وابن حجر والعز بن عبد السلام وغيرها، هناك تفسيرات مختلفة حول القدرة البشرية المحتملة لتحقيق منزلات مشابهة لتلك التي يتمتع بها الأنبياء.
يوضح الشيخ شمس الدين الذهبي في كتاب "المناقب"، أن درجة الرسالة غير قابلة للمضاهاة لأنها منح خاصة بالأنبياء فقط. ولكن يمكن لأتباعهم البالغين المستوى الأعلى من التقوى والأعمال الصالحة أن ينعموا بمقام عال في الآخرة مشابه لما نراه في الجنة. وفي القرآن الكريم ذكر أن هؤلاء الأشخاص سيكونون ضمن رفقة رسل الله ونبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
وقد يؤخذ البعض على فهم خطأ بأن المنزلة المقاربة لمرتبة الأنبياء تعني المساواة بهم، وهو أمر بعيد كل البعد عن الواقع الديني العقائدي. فعلى الرغم من اختلاف الدرجات داخل المجتمع السماوي وفقاً لكيفية أداء الأعمال وتقوى المطيعين، تبقى رتبة النبي فريدة ولا يمكن تكرارها. وكما أكدت الروايات النبوية الشريفة, فإنه "المرء مع من أحب". وهذا يدل على أن المحبين لنبي الله سيجدونه دائماً ويحقق لهم أمل لقائه دون أي حاجز عضوي سواء كان المكان أم الوقت مختلفاً.
بالإضافة لذلك, ورد أيضاً في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضوان الله عنه حيث يقول رسول الرحمة صلوات ربي وسلامه عليه حين سألته امرأة عن رؤية زوجها الذي استشهد وهي تحبه كثيرا:" إنبت تنازعكم في الجنان؟!"... فرد عليها قائلاً:" نعم". وهذه الرواية تشير بشكل واضح لحقيقة جمع الله لعباده المؤدين الطاعات بطرق متنوعة بما يضمن رؤيتها لمن اختارت وطريق حبها إليه سبحانه وتعالى ورسالته المجيدة.
في نهاية الأمر، توفر لنا التعاليم الإسلامية راحة مطمئنة فيما يتعلق بالحياة التالية إذ تؤكد وجود رضا كامل لكل نفس بغض النظرعن موقعه الحالي; بشرط الوثوق العملي بالإخلاص والتزام نهج هدى الدين الإسلامي القويم.