• صاحب المنشور: نوفل بوهلال
  
  ملخص النقاش:
  لقد أحدثت الثورة الرقمية تحولات عميقة وملموسة في مختلف جوانب حياتنا اليومية، خاصة فيما يتعلق بالتفاعلات الاجتماعية. يمكن النظر إلى هذه التحولات عبر عدّة زوايا مختلفة؛ حيث تقدم العديد من الفوائد مثل زيادة التواصل العالمي وتوفير فرص التعلم الدائم والوصول الفوري للخدمات والموارد. ولكنها أيضاً لها تأثير سلبي محتمل قد يؤدي الى العزلة الاجتماعية والإدمان على الأجهزة الإلكترونية وفقدان مهارات الاتصال الشخصي التقليدي.

في السابق، كانت الروابط المجتمعية مبنية أساساً على اللقاءات وجهاً لوجه والتجمعات المحلية والأعمال اليدوية المشتركة التي تعزز الشعور بالانتماء للمجتمع. أما الآن، فقد أصبح الإنترنت ومنصاته المختلفة -من وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة حتى المنتديات العامة- الوسيلة الأساسية للتواصل مع الآخرين حول العالم. هذا التغيير الجذري يُظهر كيف استطاعت التكنولوجيا أن تساهم بشكل كبير في توسيع نطاق شبكات العلاقات الشخصية وخلق حوار عالمي متعدد الثقافات ومتنوع. إلا أنه ينتهي بنا الأمر غالباً بمشاركة جزء صغير من حياتنا الحقيقية على هذه المنصات الإلكترونية، مما يؤثر ربما سلبياً على قدرتنا على بناء علاقات ذات مغزى أو قيمة طويلة المدى خارج رقعة الشاشة الضوئية.

ومن ناحية أخرى، فإن الأدوات الرقميةcurrent_date توفر موارد غير محدودة تقريبا للفهم والمعرفة المتعمقة. فالدورات التعليمية المجانية عبر الإنترنت تتاح لأكثر الأشخاص فقراً وثراءً بنفس القدر. كما يمكن الوصول إلى أكبر مكتبات الكتب العالمية مجانا وبكل سهولة ضمن نقرة زر واحدة فقط! وهذا يجعل العلم والثقافة أكثر توافراً وأقل تكلفة بكثير ممن قبل.

وفي الوقت الذي تتيح فيه التكنولوجيا تجاوز الحدود الجغرافية وزوال المسافات الطويلة عبر الفيديو كونفرنس وغيرها الكثير، فإن هناك مخاطر مرتبطة بهذا الجانب أيضاً. فالاعتماد الزائد على مثل تلك الخدمات يمكن أن يساهم بخلق شعور دائم بالعزلة وسط بحر المعلومات الهائل بينما تخفت أصوات الأصالة البشرية الواضحة والصادقة. كذلك تشير الدراسات الحديثة إلى وجود علاقة مباشرة بين استخدام الشبكات الاجتماعية بشدة والسلوك الانتحاري لدى بعض الشباب بسبب القلق المستمر بشأن الصورة الذاتية والبقاء مركز اهتمام جمهور واسع دائماً وصعب المنال تحديدا.

إن الحديث عن التأثيرات الإيجابية وسلبية لتطبيق تكنولوجيتنا الجديدة على مجتمعاتنا يستحق الوقوف طويلا عند تفاصيله نظرا لإمكاناتها الشاسعة المؤثرة حاليا والتي ستكون اكثر تأثيرا مستقبلاً بلا شك ! لذلك ، يتطلب الأمر فهماً شاملا لهذه العملية كي يتم مواجهتها بتوازن يعكس قيم تراثينا ويستقبل ايضا مستقبل جميل مجهول أمام أعيننا ولكنه قائم بالفعل وفي أمس الحاجة لدعم جهود الإنسانية جميعا نحو مصالح مشتركة ترقى بإنسانيتها بعيدا عن أفخاخ الانغماس الذاتي المفاهيمي الحالي لغزو ذكاء اصطناعيه حديث التنفيذ .