- صاحب المنشور: رغدة المنوفي
ملخص النقاش:
في عالم يتزايد فيه الاهتمام بالتنمية المستدامة، تواجه العديد من الدول الناشئة تحديات فكرية واقتصادية كبيرة. هذا المقال يستكشف هذه القضايا المعقدة، التي تتضمن التوازن بين الحاجة إلى النمو الاقتصادي والاستثمار طويل الأجل في البيئة والرفاه الاجتماعي. يسعى المجتمع العالمي نحو تحقيق الأهداف الإنمائية المستدامة (SDGs)، لكن الطريق أمام البلدان النامية مليء بالتحديات التي تحتاج إلى معالجة حاسمة لتحقيق هذه الأهداف بكفاءة.
التحدي الأول: التركيز على النمو القصير المدى
غالباً ما يضغط الضغط السياسي والإقتصادي الحادان للدول الناشئة على الحكومات لتوفير الوظائف والدخل في الوقت الحالي، مما يؤدي غالبًا إلى السياسات قصيرة النظر والتي يمكن أن تضر بالأجيال القادمة. فعلى سبيل المثال، قد تستثمر الحكومة بشدة في مشاريع البنية التحتية دون اعتبار كافٍ للعواقب البيئية أو الاجتماعية المحتملة. بينما يعدّ تطوير البنية التحتية ضروريًا لتحسين جودة الحياة وخلق فرص العمل، فإن عدم الأخذ بعين الاعتبار للتأثير الطويل الأمد يمكن أن ينتج عنه عواقب بيئية كارثية مثل تلوث الهواء وتدمير المساحات الطبيعية.
التحدي الثاني: محدودية الموارد المالية
يتطلب التحول نحو التنمية المستدامة استثمارات كبيرة. بالنسبة للدول ذات الدخل المنخفض أو المتوسط الدخل، تكون القدرة على الوصول إلى التمويل الكافي أمرًا محدودة للغاية. وهذا يخلق تناقضًا بين الرغبة في الاستثمار في المشاريع الخضراء والمستدامة وبين الحاجة الملحة لسد الاحتياجات الأساسية للسكان المحليين.
التحدي الثالث: نقاش حول أولويات السياسة العامة
يتناول النقاش العام حول سياسة الدولة دائمًا كيفية توجيه الموارد المحدودة - سواء كانت تلك الموارد مادية أم موارد بشرية أم تكنولوجية. عندما يأتي موضوع الاستدامة ضمن خطط السياسية الوطنية، قد يبدو الأمر وكأن هناك "مقايضة" محتملة بين الاستقرار الاقتصادي القصير المدى واستراتيجيات أكثر طولاً لبناء مجتمع مستدام حقا. وفي حين أنه صحيح أنه لا يوجد حل بسيط لهذه المسألة، إلا أنها قضية رئيسية للمناقشة بشأن أفضل طريقة لتنفيذ الأولويات المستقبلية دون الإضرار بالحاضر.
التحدي الرابع: بناء القدرات المؤسسية والبشرية
تعدّ بناء المهارات والمعرفة الخاصة بالممارسات المستدامة تحديًا كبيرًا آخر. غالبًا ما تعمل القطاعات التقليدية داخل اقتصادات الدول النامية بموجب نماذج عمل تقليدية غير فعالة وغير صديقة للبيئة بطبيعتها. لذلك، يتعين على هذه الدول تعزيز قدراتها البشرية لإدارة عملياتها بأسلوب أكثر صداقة للبيئة، وهو دور مهم للحكومات والشركات والأفراد على حد سواء. ومن هنا تأتي أهمية التعليم والتدريب والتوعية كمفاتيح أساسية لهذا التحول الثقافي.
وفي نهاية المطاف، رغم وجود الكثير من العوائق، فالطريقة الأمثل للاستجابة لتلك العقبات هي قبول التعقيد الجوهري لمفهوم "التنمية المستدامة". إن الجمع بين الإجراءات المؤيدة للمناخ والمبادئ المتعلقة بالمعيشة الآمنة والكافية للأجيال المقبلة هو السبيل الوحيد الذي يمكن أن يقود دول العالم الصاعدة نحو وضع مستقر ومزدهر يدعم بقاء الأرض ولن يؤثر سلبيًا عليها. إنه طريق محفوف بالتحديات ولكنه ممكن إذا تم اتباع نهج مدروس وشامل ومتعدد الأبعاد.