ولأنني كنت في مجمع علا ضجيجه لم أكمل بعض تفاصيل القصة، ناهيك عن ترميم ثغراتها، فبعد أن بت بشر حال في تلك الليلة الباردة داخل المركبة المثلجة، وأشعلت النار وأذنت الفجر قبيل وقته.
استيقظ الرفاق، وصنعوا القهوة وأفترض شايا كذلك، وكان لقائد الرحلة بضعة نظريات علمية تفوق في غرابتها=
نظريات ذلك الدكتور الشهير بتويتر، أبو قاسم! فمثلا يتحفظ على حليب وإجبان إحدى أكبر الشركات، لأنه يشك في منفحتها، بينما جلب لنا حليب ماعز من شركة قصيمية لأنها الأقرب إلى الفطرة!
مع أن الحليب تحول بفعل شدة البرودة إلى سلاش أبيض.
وكنت أشربه بجليده وهو يشرح لنا في فخر نظريته حيال جودة
الحليب وأنه لم يتحول إلى ماء على الرغم من امتصاص الجليد.
وعقب الفراغ من ذلك الشرح، كنت مجهدا جائعا أشعر بالبرد والسخط من حالي، شرع صاحبنا في إخراج معلبات شتورة اللبنانية! إي ورب الكعبة.
وقد اعتذر من قبل عن صنع فول من المعلبات، بحجة علمية أخرى.. المواد الحافظة، وأنه لصنع فول لذيذ=
يجب إنقاعه من أول الليل، وكان قائد الرحلة والحق يقال: طباخا حاذقا على الرغم من أنه لم يجلب معه كتاب منال العالم في فنون الطبخ، بل جلب معه كتاب أشراط الساعة ليوسف الوابل!
وكأنه سيذهب لحافة نهاية العالم، أو تشبع بثقافة الموت كما يقول بروفيسور البرطميات الشهير في مقالته السخيفة=
بصحيفة الوطن
ولك أن تتخيل طلعة برية بحليب مجمد، ومعلبات شتورة مكونة من ورق عنب وحمص غريب الشكل.
أخرج صاحبنا مقلاة واجه بها الواقع، وسكب فيها شيئا من الزيت، ثم دلق ورق العنب وأخذ يسخنها على الفحم مع أنني لا آكل ورق العنب إلا باردا.
غير أن صاحبنا عكس النظريات الفيزيائية، فكنت ارمق=