يحزنني أن أرى شابا في مطلع العشرين وعلى وجهه خاتم الكآبة بدلا من وسم السعد، مرحلة العشرين ذهبية، وهي ألذ أيام العمر.
أحد الأسباب في ظني الغرق في الماديات: القهاوي المختصة وغير المختصة والبطاطا والبرجر والعطور والهواتف الذكية وسماعات البلوتوث والساعات الرياضية إلى آخر هذا اللهاث=
ولو جرّب المرء أن يقبل على نفسه بدلا من جسده، لوجد النور يغمره والنشاط ينفخ عضلاته.
بالتخفف من الماديات يزيد رصيد الصحة النفسية، ليست بنا حاجة إلى قهوة كل يوم، ولا إلى جوال جديد.
لا يكن لسان حال الشاب: سأدرس وأتعلم لتكون سيارتي أفخم، ولأنتقل إلى قدرة الاستهلاكية أكبر =
هذه البداية خطيرة، ونهايته كبدايتها الاكتئاب الحتمي.
السعيد يتخفف من دنياه ما أمكنه، فالتعلق بالأشياء مهلكة ومشغلة، بل هو من قوادح الإيمان الخفيّة.
المسافر لا يهيض حركته بكثرة الملابس ولا بالحقائب الكبيرة، تكفيه الضروريات حتى يستمتع برحلته، لا يعبأ بنوع الملعقة ولا بنوع الهاتف=
الرحلة أقصر من كل هذا. لا يُفهم من هذا التحريض على التقصير في طلب المعاش، لا يقّصر في طلب دنياه إلا مجنون، إنما المقصود إعطاء الماديات حجمها الطبيعي والمناسب من حياتنا.
تنمية العقل واللياقات النفسية والجسدية والعاطفية أهم، وهي رصيد الإنسان في آخر عمره ومع ذلك مضيّعة. العمر فلتة.
المعذرة، أكتب وأنا أتمشى … لم أراجع المكتوب ثقة بعقل المخاطب.