سلسلة تغريدات (الفتح والقفل بين العقل والنقل)
مقدمة :-
ما زال الجدل يستثار ما بين وجوب استخدام العقل وأصولية وظائفه، وبين قدسية نقل النصوص وكيفية ومدى الاعتماد عليها في حال ناقضها العقل أو ناقضته، لكنّ علاقتهما ليست بغامضة ولا بمُهمَلة في النصوص المنقولة لمن بحث فيها وتدبر:
ب ه ق https://t.co/fCTGZiY3Ok
فلنبدأ أولًا بأكثر استدلالات القائلين بنفي العقل شيوعًا:
عن عليّ رضي الله عنه قال: "لو كان الدينُ بالرأي لكان أسفلُ الخف أولى بالمسحِ مِن أعلاه، وقد رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسَحُ على ظاهر خفَّيْه".
فأول الملحوظ أن المصطلح الثابت وروده هو "الرأي" وليس "العقل".
والتمييز مهم، فكثيرًا ما يقتبسه القائلين بنفي العقل مستبدلين قوله "الرأي" بقولهم "العقل" وهذا تحريفٌ إن تعمدوه ولَبسٌ إن لم يتعمدوه. لكنّ الدقة مهمة، فلهذا عند الفقهاء واللغويين معانٍ ولذاك أخرى وإن تقاربت، بينما يختلف ما يُبنىَ على هذا وذاك.
أما الرأي فمن الرؤية لغةً وله في الآيات والأحاديث استخداماتٌ كثيرة، واصطلاحًا عند الفقهاء يتلخّص فيما يراه المجتهد حسبما استعرضه من أدلّةٍ منقولة واستنباط الأحكام منها بما يظهر له صوابه أو أقربه إلى الصواب.
وأمّا العقل فأكثر من ذلك، إذ يتوقف عليه التكليف في الدين لكل فردٍ بعينه.
ذلك أن الرأي بالتعلّم والاكتساب، أما العقل فبالفطرة ويُسقِط سقوطه التكليف بالكلية، فلا عبادة على مَن لا عقل له، بينما يثبت التكليف على المُتّبِع دون اجتهاد ما دام يعقل برأيٍ أو بدون رأي.
ولولاه بعد الله لما اجتهد حتى القائلين بنفيه، فمن نفى العقل نفى النقل.