#اللغةوالبحثعن_المعنى
فرق كبير بين"القراءة" المجردة وبين "الفهم" فالقراءة غالبا عملية ميكانيكية تستخدم الصور المجزءة المادية للأحرف والكلمات المشاهدة وتعيد تركيبها في ضوء قواعد معينة لتصبح الأحرف كلمات والكلمات جملاً ، وقد يتم إتقانها دون الوصول للفهم جزئياً أو كليا.
كمن يقرأ نصاً بلغة أخرى استنادا لمعارفه بشأن تلك اللغة حروفا وكلمات دون أن يفهم ذلك المقروء ، فإذا فهم المقروء انتقل إلى مايسمى بالفهم وهو تلك العملية الفيزيائية التي تضيف على البعد الميكانيكي بعداً فيزيائيا مرتبطا بحالة التفكير التي تعيد بناء المقروء في ضوء صور ذهنية محددة.
سواءً كانت(مغلقة للمحسوس أو مفتوحة للمجرد) بحيث يمكن للإنسان وضع خصوصية لكل مفردة بالنظر لتجربته وثقافته وحصيلته التخصصية في علم ما فتصبح للكلمة الواحدة ذات الصورة المحددة معان تتسع وتضيق بمرجعية علم وثقافة القارئ والمتلقي.
فمثلاً كلمة "التكافؤ" يستطيع من أوتي حظا بسيطا من القراءة نطقها صوتيا وربما تجريدها حرفياً وحتى توظيفها في بعض السياقات البسيطة ، ولكنها بالنسبة لمتخصص اللغة تكتسب بعداً مختلفا فإن كان شاعرا أعطاها نفسا آخر من الفهم وإن كان صوفيا ذهب مذاهب مرتبطة بمفاهيم ذاتية خاصة به.
وحين يأتي إليها الفقيه يأتيها من زاويته وفقهه وعلمه وكذا المحدث وهي بالنسبة لمتخصص الفيزياء تختلف عن السابقين وعن متخصص الكيمياء وهكذا الكثير من الكلمات لايمكن لها أن تبقى على صورتها الأولية بل تأخذ مستويات من الفهم والاستيعاب تتجاوز حدود التلقي البسيطة.