ازمة مقتبل العمر
-
"الواحد كان طيلة حياته الدراسية ما قبل التخرج مشارك في لُعبة محددة الأهداف، ومُحددة القواعد ، ومُحددة المُستويات، وذات نظام مُحدد للتقدم واحتساب النقاط. كُل شيء مُنظم ومُعد بصُورة مُسبقة، وهو ما يعني أن اللُعبة بأكملها حتمية Deterministic.
بسبب طبيعة اللُعبة، فبإمكان الفرد أن يرى نُقطة النهاية من موقعه عند نُقطة البداية.
تمر تلك الأعوام الـدراسية سريعًا، وبصُورة أو بأخرى يصل الجميع للمُستوى الأخير وتنتهي اللُعبة، ويبدأ الجميع في التطلع لبدأ اللُعبة التالية.
إلى أن يكتشفوا أنه بدءًا من تلك اللحظة على كُل منهم..
تصميم اللعبة التالية بنفسه.
فجأة لم تعُد هناك أهداف مُحددة سلفًا، ولا قواعد مُحددة سلفًا، ولا أساليب قياس مُحددة سلفًا، ولا مُستويات مُحددة سلفًا، ولم يعُد بالإمكان رؤية نُقطة النهاية من الأساس. فجأة أصبح عليهم القيام بكُل ذلك بمُفردهم.
الأمر أشبه بفرد يتبع خريطة لطريق مُمهد..
وإذا به فجأة يجد نفسه أمام مُحيط. بدون مُقدمات اختفى الطُريق، ولم يعُد يرى أمامه سوى مُسطح مُمتد عديم الملامح لا أول له ولا آخر.
كُل ما يعرفه هو أن عليه مُغادرة المكان وعبُور المُحيط نحو وجهة ما، ولكنه لا يعرف أين عليه الذهاب، ولا كيف بإمكانه الوصول.
هو لم يرسم خريطة بنفسه في حياته، ولم يتعلم السباحة.
بالنسبة لمن يمرون بهذا الوضع للمرة الأولى، فهذه الحالة من عدم التأكد هي التعريف الحرفي للفزع. عندما يتحدث الناس عن أن "الحياة الحقيقية" تقع خارج أسوار الجامعة، فليس المقصود أن الحياة الأكاديمية تحدث داخل الـ Matrix..