السّلام عليكَ يا صاحبي
تروي العجائز أن طائراً في عهد سليمان عليه السّلام قصدَ غدير ماءٍ ليشربَ،
فرأى هناكَ صِبيةً صغاراً يلعبون،
فقال في نفسه: واللهِ لا آمنُ على نفسي من عبثِ الغلمان،
وإني منتظرٌ هنا حتى ينفضَّ جمعُهم ويتفرَّق شملُهم،
فإذا كان هذا أتيتُ الغدير وشربتُ حتى أرتوي!
وسرعان ما غادر الأولاد الغدير،
وما كان آخرهم ينصرف حتى نزل بالغدير شيخٌ،
له لحية طويلة تبدو عليه علامات الوقار.
فقال الطائر في نفسه: لا خطرَ عليَّ من هذا الشيخ الجليل،
فإنَ له لحيةً لا تكون إلا للكهان والزُّهاد والعُبَّاد،
فوردَ الماءَ ليشربَ،
فرماه الشيخُ بحجرٍ فقأ له فيه عينه!
وجاء الطائر إلى سليمان عليه السّلام شاكياً،
أمر سليمان أن يُحضرَ الشيخ بين يديه،
ولما استمع من الخصمين،
أمرَ أن تُفقأ عين الشيخِ جزاءً لما فعل،
ولكن الطائر قال له: يا نبيَّ اللهِ دَعْ عينه فلا ذنبَ لها،
ولكن اِحلقْ له لحيته،
فواللهِ ما جعلني آمنُ مكره وأنزلُ في حِماه إلا هي!
يا صاحبي،
الدين قبل أن يكون مظهراً فهو جوهر،
كلاهما مهم لا شك!
ولكن ما أقبح مظهر الدين على قلب فاجرٍ!
وما أحلى القلب النقي وإن لم يكن عليه شيءٌ من مظهر الدين!
يا صاحبي،
قبل أن تُطلقَ لحيتكَ قصِّرْ يدكَ عن أموال الناس وحقوقهم،
وقبل أن تُنظف أسنانك بالسواك،
تذكَّرْ أنه حرام أن تشحذها لتلوك لحوم الناس بها!