من ألطف كتب الأدب وأخفها روحا : كتاب ( أشعار اللصوص وأخبارهم ) لعبد المعين الملوحي ، في جزئين . ومن استلطافي لهذا الكتاب ، أني عندما اقتنيت جزأه الأول ، وهو مطبوع في غلاف ورقي مقوى ( كرتوني) ، وليس مجلدا ، قمت بتجليده . وكنت إذا أحببت كتابا جلدته ، حبا وحفظا !
وتأتي لطافة الكتاب من موضوعه الغريب ، فهو يتضمن ديوان شعر اللصوص والسراقين وبعضا من أخبارهم .
فهو ملف خزائني (أرشيفي) للصوص ، يختص بأصحاب السوابق الجنائية في عصور العرب الأولى ، فيجب أن تحفظه وزارات الداخلية العربية وإدارات البحث الجنائي لديها !!
ومن أشهر أشعار اللصوص الواردة في هذا الكتاب وفي بعض من المصادر الأدبية القصيدة الرائية للأحيمر السعدي ( وهو من الأعراب الذي عاصروا الدولتين الأموية والعباسية ) ، والتي يقول فيها :
عوى الذئب ، فاستأنستُ بالذئب إذ عوى ••• وهينم إنسانٌ ، فكدتُ أطيرُ
وفيها يقول :
وإني لأستحيي من الله أن أُرى ••• أجرّرُ حبلا ليس فيه بعيرُ
وأن أسأل المرءَ الائيمَ بعيره ••• وبُعرانُ ربي في البلاد كثيرُ
الحقيقة أن هذه القصيدة تنفع أن تكون وثيقة شرف للصوص ، لأنها تتضمن فلسفة للسرقة تريح ضمائر السراقين ، بل بها يتباهون ويعتزون بالسرقة !!
أما البيت الأول: فهو يبين حال السارق في استئناسه بالوحشة، واطمئنانه في الوحدة، وأنه أصبح أخ البراري، لا يأويه بيت، ولا يظله سقفه. فهو من طول تشرده، ومن كثرة بعده عن طلب رجال الشرطة والناس له أصبح لا يعيش إلا في القفار الخاوية التي لا ترى فيها ولا تسمع من الأحياء إلا وحوش البراري.