في مسألة هامة تتعلق بالشكليات الشخصية والمجاملة المحتملة في العلاقات الإنسانية، يسعى المسلمون دائمًا لاستقاء الإرشادات من تعاليم ديننا العظيم. بالنسبة لمن بلغ سن الخمسين وهو يفكر جدياً في خطوة زواج جديدة، فإن السؤال حول كيفية التعامل مع ظهور الشيب قد أصبح محل اهتمام كبير.
الحكم الشرعي لهذا الموضوع واضح وبسيط للغاية وفقاً للسنة النبوية المطهرة. يُستحب تغيير لون الشيب عن طريق التلوين باستخدام مواد غير سوداء، وذلك بناءً على الأحاديث التي تشجع على مخالفة اليهود والنصارى الذين كانوا يصطبغون شعورهم بالسواد فقط. كما يشير حديث آخر إلى أهمية إبراز علامات الشيخوخة وعدم محاولة إخفاءها بشكل خادع.
لكن يجب التنبيه هنا إلى نقطة مهمة جداً - وهي موضوع الغش والتستر في عمليات الارتباط والعلاقات الزوجية. حيث يحظر الإسلام تماماً استخدام هذه الطرق لإعطاء الانطباع الكاذب بأن الشخص ليس شيخا عندما يكون كذلك بالفعل. إن وضع لحيتك وحملك لشعرك بطريقة تمكن الآخرين من معرفة عمرك الحقيقي هي حق لهم وتتصف بالقيمة الأخلاقية والقانونية بالإسلام. لذلك، إذا اخترت صباغة شعر الرأس وليس اللحى، فعليك التأكد أنه لن يحدث لبسا بين وجود الشيب أو غيابه لدى نظرتك الثانية عند مقابلة شخص ما لأول مرة قبل عقد القران الرسمي. فالشفافية والصراحة هما الحل الأمثل والأمثل لتحقيق رضى الرب عز وجل والمحافظة على حقوق جميع الأطراف المعنية بهذا القرار الحيوي في حياتنا اليومية الاجتماعية والدينية أيضًا.
وفي النهاية، يمكنك الاستئناس برأي المالكية وغيرهم حين يقولون: "وكراهية الصبغ بالسواد ترجع أساسها إلى تحويل اللون الأصلي إليه مما يوحي بتغيير طبيعته الأصلية بينما يسمح بالحناء والكتم لأن تأثيرهما محدود ولم يعد هناك تناقض ظاهر بين طبيعة الشيء الفعلية ومعالمه الظاهرة". لذا استخدم الأحمر أو الأصفر بدلاً من الأسود إذ أنها ألوان أقل تكرارا ولا تخدع أحداث نظر المشاهدين. وفي نهاية المطاف سيعتمد اختيار طريقة التصفيف المناسبة لك على التفاهم المتبادل والثقة المطلقة أثناء عملية المواعدة والشروط العامة للتوافق الاجتماعي الثقافي والفكري أيضاً كمقدمات ضرورية لانطلاق حياة زوجية سعيدة بإذن الله ودعم شرعه الكريم المستمر لكل جوانب الحياة البشرية كافة بلا استثناء!
