- صاحب المنشور: ثامر الزموري
ملخص النقاش:
لقد شهد العالم تحولًا ملحوظًا نحو الاعتماد على التكنولوجيا والأنشطة الرقمية في مختلف جوانب الحياة، ومنها التعليم. وفي السياق الإسلامي تحديدًا، لم يختلف الأمر كثيرًا حيث انتشر استخدام الوسائل الرقمية لتقديم تعليم ديني وتوجيه روحي للمسلمين حول العالم. هذا التحول مثير للاهتمام ومثير للنقاش بسبب مجموعة متنوعة من التحديات والفرص التي يجسدها.
أولاً، يُعتبر التعليم الديني الرقمي فرصة هائلة للوصول إلى جمهور واسع ومتنوع بكفاءة عالية. يمكن للأجهزة المحمولة والبرامج التعليمية عبر الإنترنت الوصول إلى ملايين الأشخاص الذين قد لا يتمكنوا من حضور المساجد أو المدارس التقليدية بسبب القيود الجغرافية أو الاجتماعية. كما يسمح بالتعلم المستمر والتفاعلي الذي يتجاوز حدود الزمان والمكان، مما يعزز فهم العلوم الإسلامية بطريقة أكثر عمقا وأكثر حداثة. بالإضافة لذلك، فإن الشكل الرقمي يسمح بتخصيص المحتوى المناسب لكل فئة عمرية ولجميع مستويات الخبرة، سواء كان ذلك لمتعلم جديد أم عالم مشهور.
لكن مع هذه الفرص الكبيرة تأتي بعض التحديات الجديرة بالنظر أيضًا. أحد أكبر المخاوف هو الحفاظ على الضوابط الأخلاقية والدينية داخل البيئات الرقمية المفتوحة والمعرضة للتلاعب. إن وجود محتوى غير مناسب أو معلومات مغلوطة قد يؤدي إلى تشويه المفاهيم الدينية لدى الشباب المسلمين الذين ربما يكون لديهم معرفة محدودة بالمبادئ الأساسية للإسلام. ثانياً، هناك مخاطر الأمان المتعلقة بسرقة البيانات وانتشار الأفكار الهدامة خارج المنظور الشرعي المعتمد. لذا، من المهم تطوير أدوات رقابة فعالة تضمن بقاء المواد المقدمة ضمن نطاق المعايير الدينية والثقافية.
ومن أهم الأمور أيضًا هي ضمان جودة التعلم وضمان حقوق الملكية الفكرية. فقد يوجد اختلافات كبيرة بين الجودة والفعالية بين البرامج المختلفة، وهذا يستلزم ضرورة تقييم المنتجات البرمجية وفق معايير أكاديمية شرعية قوية. بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المشاريع القائمة على المحتوى الرقمي احترام الحقوق الفكرية والعقلية لأصحاب المؤلفات الأصلية. ويتعين علينا التأكد بأن جميع الأعمال مدرجة تحت ترخيص مفتوح المصدر أو تحمل تصريح استعمال قانونيًا صالحًا حتى نحافظ على مصالح الجميع.
وفي النهاية، يبدو واضحا أنه رغم كل العقبات أمام التعليم الديني الرقمي، إلا أنها فرص متاحة حاليا لإحداث تغييرات تاريخية نحو مجتمع أفضل، إذا تم توظيف تلك الأدوات بحكمة وتحقيق توازن جيد فيما بين الاستفادة منها والحفاظ على الهوية الثقافية والدينية الأصلية. وبذلك، سنكون قادرين على مواجهة التغييرات المجتمعية الحديثة بمزيد من الثقة والأمل نحو بركة العلم النافع في خدمة الدين والدنيا سوياً.