- صاحب المنشور: تاج الدين البركاني
ملخص النقاش:مع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا الرقمية في مختلف جوانب الحياة اليومية، أصبح توازن حماية البيانات الشخصية والتطوير المستمر للتقنيات الحديثة موضوع نقاش عالمي مهم. فبينما يشهد العالم تقدماً مذهلاً في مجالات الذكاء الاصطناعي، الإنترنت المجرد، وإنترنت الأشياء، يواجه الأفراد ومجتمعات بأسرها مخاطر متزايدة تتعلق باستغلال المعلومات الحساسة وتدخل الأجهزة الإلكترونية المتصلة في حياتهم الخاصة.
رغم الفوائد العديدة التي تقدمها هذه التقنيات - مثل تحسين الكفاءة والإنتاجية، توسيع الوصول إلى المعرفة، وتعزيز التواصل العالمي - إلا أنها قد تشكل أيضاً تهديداً خطيراً لخصوصيتنا إذا لم يتم التعامل معها بحذر شديد. إن شبكات الواي فاي العامة، وأنظمة التعرف على الوجه، وكاميرات المراقبة الآليّة كلها أدوات قوية ولكن لها جانباً مظلماً يتطلب الشفافية والحفاظ على حقوق المواطنين.
من جانب آخر، يدعو العديد من الخبراء والمطورين إلى التسريع في تطوير تقنيات جديدة تعزز أمان بيانات المستخدم، وتتيح لهم التحكم الكامل بها وفقاً لما يسمى بمبدأ "البيانات ملك للمستخدم". ومن أمثلة ذلك استخدام blockchain لتخزين البيانات بطريقة غير مركزية وغير قابلة للتلاعب بها، واستخدام خوارزميات مجهولة المصدر لحماية هويات الأشخاص عبر الإنترنت.
دعونا نتناول بعض الأمثلة الواقعية لهذه القضايا
- في عام 2018, فضيحة Cambridge Analytica كشفت كيف يمكن لاستخدام البيانات الكبير انتهاك خصوصية ملايين مستخدمي Facebook. هذا الحدث سلط الضوء على ضرورة وجود قوانين أكثر صرامة بشأن جمع وعرض البيانات الشخصية للأفراد.
- وفي الوقت نفسه, تُظهر اليابان والأردن نموذجين مختلفَين لكيفية إدارة التكنولوجيات الجديدة فيما يتعلق بالخصوصية. فالأولى تعمل بنظام مراقبة دقيق باستخدام كاميرات موصولة بخدمات ذكاء اصطناعي لرصد وفيروس كورونا COVID-19، بينما تبنت الثانية سياسة تشدد على الخصوصية واحترام الحقوق المدنية حتى أثناء جائحة الفيروس.
إن الطريق نحو تحقيق مجتمع رقمي آمن ومتحضر يستوجب جهدا مشتركا بين الحكومات، المؤسسات التعليمية والشركات الناشئة. فهناك حاجة ملحة لبناء ثقافة رقمية راسخة تقوم على أساس الثقة والمعرفة المشتركة حول كيفية حفظ وادخار معلومات الناس دون المساس بحرية اختيارهم واستقلاليتهم.
