- صاحب المنشور: غيث بن صالح
ملخص النقاش:
تواجه المجتمعات الناطقة باللغة العربية مجموعة من التحديات الفريدة عندما يتعلق الأمر بتكامل هذه اللغة الغنية في المجال الرقمي. بينما يُعتبر معدل استخدام الإنترنت والتطبيقات الذكية مرتفعاً، فإن جودة وتعددية المحتوى العربي على شبكة الإنترنت لم تواكب هذا الارتفاع بنفس الدرجة. تشمل هذه التحديات عدة جوانب رئيسية منها نقص البيانات التدريبية لنمذجة اللغات الطبيعية (NLP)، عدم كفاية أدوات الترجمة والمراجعة الآلية، بالإضافة إلى القيود المفروضة بسبب خصائص اللغة العربية نفسها مثل علم الأصوات المعقد وانخفاض نسبة الكتابة مقارنة بالنطق. وفيما يلي تفاصيل أكثر لهذه المشكلات وكيف يمكننا العمل نحو حلها لتوسيع الفرصة للمحتويات والعناصر الرقمية المتعددة اللغات.
1. قلة بيانات التدريب لنمذجة اللغات الطبيعية
في عالم التعلم العميق، تعتمد نماذج NLP بشكل كبير على كمية كبيرة ومتنوعة من البيانات المدربة عليها. بالنسبة للغة العربية، هناك ندرة نسبية في توفر هذه البيانات الجيدة النوعية والتي تغطي طيف واسع من اللهجات والإشارات الثقافية والألفاظ العامية وغيرها. مستودعات البيانات المفتوحة محدودة وقد لا تعكس دقة الواقع الحالي لسلوك المستخدمين العرب عبر الإنترنت حيث تنتشر العديد من الأسماء المستعارة والاختصارات والمفردات الخاصة بالمواقع الاجتماعية وغيرها. وهذا يحرم قطاع التعليم الآلي الخاص بلغة الضاد من فرصة الحصول على مدخلات دقيقة وموثوقة لتطوير تقنيات متقدمة كهندسة المحادثات الروبوتية وتحليل الثقة في النصوص والترجمات عالية الدقة وما شابه ذلك.
للتغلب على هذا التحدي، يمكن اتباع نهجين أساسيين هما: جمع المزيد من عينات البيانات الخام عبر مواقع التواصل الاجتماعي وأسواق الأخبار الإلكترونية واستخدام عمليات تنظيف وتعقيم وتنسيق شاملة لها لتكون مناسبة للاستخدام العلمي؛ أو إنتاج مواد رقمية جديدة بطرق اصطناعية باستخدام خوارزميات توليد محتوى مشابهة للأصل. وتُعرف عملية الأخيرة باسم "التوليد الاصطناعي" وهي تستوجب وجود مصدر مرجعي معرفي شامل لكل عناصر اللغة العربية ضرورياً لإنشاء نصوص ذات طعم أصيل وخالي من الأخطاء. إلا أنه ينبغي التنبيه هنا بأن الإفراط بكثرة الاعتماد عليه قد يؤثر أيضاً سلبيًا إذا تم استخدامه خارج السياق المناسب مما يعكر صفو الاتصال ويعزز صورة مشوشة حول ثقافتنا وبالتالي يولد رفض للقراءة والمشاركة بين الجمهور عامة. لذلك يجب دائماً مراعاة الجانب الإنساني أثناء مراحل تصميم وصياغة أي نموذج كتاباتي حديث حتى وإن كان ذكياً للغاية!
**2. محدودية الأدوات المساعدة الرقمية للعربية**
يتمتع معظم المطوريين حاليًا بمجموعة متنوعة من الخدمات البرمجية الحاسوبية التي تساعدهم في تحسين مستوى عملهم سواء أكانت متعلقة بخدمات ترجمة آلية موجهة لدعم لغات رسمية معروفة أم غير ذلك حسب الاحتياجات المختلفة لكل مشروع برمجي خاص. لكن بالنسبة لأعمال تطوير البرامج المعتمدة على التعامل مباشرة مع النصوص المكتوبة بلغتنا الأصلية –أيضًا– تجد أنها قليلة جداً ولا تُحدث فرق ملحوظ مقارنة بالتسهيلات التقنية المقدمة لبقية العالم الوطد بالعبرية والانجليزية مثلاً وذلك راجع غالبا لجوانب اقتصادية داخل تلك الدول الرائدة ولاقتصاد السوق الشرائي العالمي بأكمله والذي يقود اتجاهات الإنتاج والاستثمار الجديد. إذْ إن تكلفة الإنفاق الرأسمالي الأولي المرتبط بإطلاق منتجات مبتكرة مبتكرة تكنولوجيّا هي قضية حساسة جدًّا لدى مصانع البرمجيات العالمية العملاقة فتفضل التركيز أساسا خلال مرحلة التشغيل التجاري المبكر لديها على مشاريع قابلة أكثر لتحقيق عائد الربحيّة مضمون فيما بعد حين يتم تسويق نسخة مستقرة زعيمة سوق نسبيًا مربحة فى نهاية المطاف أمام منافسة حادة أيضا خاصة وأن باستطاعة وسائل الإعلام الحديثة الآن نشر خبر جديد بكل سرعة مذهلة جدًا مما يستنزف الوقت اللازم لاسترجاع الخسائر المالية مبكرَا قبل بلوغ أفضل لحظة فعالة لإعادة توج