- صاحب المنشور: سعاد العامري
ملخص النقاش:
تستمر الثورة التكنولوجية الحالية بتشكيل تحولات عميقة ومباشرة على حياتنا اليوم. أحد أكثر هذه التحولات تأثيراً هو "الغزو الرقمي"، حيث يمتد نطاق البيانات والمعلومات إلى كل جوانب الحياة الحديثة - سواء كانت شخصية أو مهنية أو عامة. هذا الفعل من جمع وتبادل واستخدام معلومات الأُناس بدون موافقتهم الصريحة يُعرف باسم "البيانات الكبيرة" وهو موضوع يشكل قلقاً متزايدًا بشأن خصوصيتنا وأمان بياناتنا الشخصية.
في عالم يتسم بالابتكارات التقنية المستمرة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، يمكن لهذه الأدوات القوية أن تسهّل الوصول غير المرغوب فيه لبيانات الأفراد. تُستخدم الخوارزميات المعقدة لتحليل وعرض الإعلانات المستهدفة بناءً على اهتمامات المستخدمين التاريخية والسلوكية، وهي عملية تعتمد بكثافة على كم هائل ومتنوع من البيانات الخاصة بهم. بينما تستفيد الشركات والمؤسسات من هذه القدرة الاستهداف الدقيق لتقديم منتجات وخدمات أفضل، فإنها تخلف وراءها مسألة حاسمة حول حماية الحقوق الأساسية للفرد فيما يتعلق بخصوصيته.
إحدى أكبر المخاوف المرتبطة بهذا الموضوع هي مدى فاعلية اللوائح القانونية لحماية حق المواطنين الأوروبيين وغيرهم ممن يعيشون خارج الولايات المتحدة الأمريكية من انتهاكات الخصوصية التي قد تحدث عبر الحدود الوطنية. حتى الآن، لم يتم وضع اتفاق شامل دولي يحكم نقل البيانات بين البلدان المختلفة مما يؤدي غالبًا إلى حالات عدم اليقين والقضايا القانونية.
بالإضافة لذلك، هناك مخاطر مرتبطة بمشاركة البيانات مع الجهات الحكومية والتي أدّث إلى نقاش واسع حول أهمية شفافية الحكومة وأن تكون سياسة مراقبتها متوافقة تمامًا مع حقوق الإنسان الدولية. وفي حين يقترح البعض أنه يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لأغراض السلام الاجتماعي والاستخباراتي، إلا أنها أيضاً توفر الفرصة للمراقبة والتلاعب بطرق مدمرة للغاية إذا تم استغلالها بشكل خاطئ.
وأخيراً وليس آخراً، فالاستثمار الضخم في مجال الأمن السيبراني ضروري للحفاظ على سلامة النظام البيئي الرقمي ككل. يجب تعزيز الثقافة المؤسسية داخل المؤسسات التعليمية والشركات لنشر الوعي بأفضل الممارسات اللازمة لحماية البيانات الحساسة ومنع الهجمات الإلكترونية الضارة. كما يجب تشجيع تطوير برمجيات أكثر أماناً وبروتوكولات اتصالات موثوق بها لحماية تراكبات شبكة الإنترنت وتعزيز اقتصاد رقمي مستدام وآمن.
إن الغزو الرقمي ليس مجرد تحدٍ تقني؛ إنه اختبار لمبدأ الحرية وحقوق الإنسان الأساسية في العصر الحالي. ويجب علينا جميعًا العمل معًا لدفع حدود الابتكار الرقمي ضمن سقوف أخلاقية وقانونية تضمن احترام خصوصيتنا وضمان امتيازاتنا الديمقراطية.
