الدين والعلم: تداخل أم توافُق؟

في عالم اليوم المتطور بسرعة حيث يتسابق المجتمع نحو التكنولوجيا والتنمية العلمية، يبرز سؤال حاسم حول العلاقة بين الدين والعلم. هل هما متناقضان يشكلان ج

  • صاحب المنشور: بديعة البصري

    ملخص النقاش:
    في عالم اليوم المتطور بسرعة حيث يتسابق المجتمع نحو التكنولوجيا والتنمية العلمية، يبرز سؤال حاسم حول العلاقة بين الدين والعلم. هل هما متناقضان يشكلان جانبين متباعدين من الحقيقة الإنسانية ام أنهما يمكنهما التعايش والتكامل؟ هذه هي القضية التي نستكشفها في هذا المقال، محاولين فهم طبيعة العلاقة بين هذين المنظورين المهمين للحياة البشرية.

الدين غالبا ما يعتبر مصدر الأخلاق والقيم الروحية للأفراد والجماعات. إنه يلعب دوراً رئيسياً في تشكيل معتقدات الناس وممارساتهم الاجتماعية والثقافية. أما العلم فهو منهج يقوده الفضول البشري لمعرفة العالم الطبيعي باستخدام الطرق التجريبية والملاحظة. كل واحد منهم يعبر عن وجهات نظر مختلفة ومعارف ذات قيمة فريدة.

لكن كيف يمكننا النظر إلى ديناميكية هذه العلاقة المعقدة؟ البعض يرى أن الدين والعلم ينتميان إلى مجالات غير قابلة للتقاطع؛ الأول هو مجال الوعي والإيمان بينما الآخر يتمثل في الواقع الفيزيائي والخوارق قابل للتأكيد تجريبيا. ومع ذلك، هناك وجهة نظر أخرى تقترح أن كلا المجاليْن يكمل كل منهما الآخر ويمكن حتى العمل معا لتحقيق تفاهم أكبر للمشاكل العالمية مثل البيئة أو العدالة الاجتماعية.

مثال على هذا التفاعل الإيجابي يأتي من تاريخ الإسلام نفسه. العديد من علماء المسلمين الكبار خلال فترة ازدهار العصر الذهبي للإسلام كانوا أيضا علماء دين وأطباء وفلاسفة وعالم فلكيين وغيرها الكثير ممن قدموا مساهمات كبيرة لكل من المعرفة الدينية والعلمية. إنكار الله كما يعرف في السياقات الإسلامية (التوحيد) ليس بالضرورة ضد البحث العلمي إذا لم يكن ينتهك مواثيق الشريعة. بل بالعكس، القرآن الكريم يحث المؤمنين على التفكر والاستقصاء عن خلق الأرض والسماوات مما يدعم روح الاستطلاع والتعلم المرتبط ارتباط وثيق بالنهج العلمي الحديث.

إذاً بناءً عليه، يبدو أن التقارب بين الدين والعلم ممكن وليس مستحيلاً تماماً. ولكن هذا الأمر يستوجب فهماً عميقًا لكيفية تطبيق وشرح تعاليم الدين وتوقع دلائل علمية موثوق بها بطريقة تضمن عدم تنافر أي منهما مع الاخر. بالتالي، فإن جوهر الخلاف الحقيقي ربما لا يكمن في وجود منطقيّتين مميزتين بقدر ماهو اختلاف فيما يتعلق بتأويل تلك الأفكار داخل مجتمعات متنوعة بيئياً واجتماعياً واقتصادياً... الخ. وهذا يؤدي بنا لحجة مركزية وهي أنه "بالرغم من الاختلاف الواضح بين الاثنين إلا انه يوجد أرض مشتركة قد تكون واسعة أكثر بكثير بكثير مما نظن". وفي النهاية تبقى حرية اختيار الطريق الذي نسلكه الشخصي والتي تستند اما إلى إيمان شخص بحكمة الله وإرشاده عبر الوحي السماوي القديم أو الثقة بأن الأساس الجوهري للعلاقات الطبيعية القائمة منذ البدء ستكون دائمة بغض النظر عما يحدث خارج حدود منظومة الحياة حسب مقولات فلسفية حالية حديثاً . وبذلك تتوضح صورة واضحة مفادها بأنه رغم العمق والفروق التاريخية الثقافية والمعرفية المبنية وفق دراسة علوم الطبائع المق


كوثر بن مبارك

7 مدونة المشاركات

التعليقات