- صاحب المنشور: كشاف الأخبار
ملخص النقاش:
بدأت مسألة عدم المساواة في توزيع الثروة والدخل تُطرح بقوة كأحد أهم القضايا التي تواجه المجتمع الحديث. تشير الأبحاث والبيانات إلى وجود اختلاف كبير بين الفئات الغنية والفقيرة داخل العديد من الدول المتقدمة وغيرها أيضًا. هذا التباين ليس له تأثير نفسي واجتماعي فحسب؛ بل ينطوي على عواقب اقتصادية مهمة تستحق الدراسة والمناقشة.
تؤثر عدم المساواة في الدخل مباشرة على قوى الطلب والعرض في السوق. عندما يتلقى عدد صغير جدًا من الأفراد نسبة عالية من دخل البلاد، فإنهم يميلون إلى الاستثمار في البضائع والأعمال ذات الطبقات الأعلى والتي قد تكون غير متاحة أو غير مرغوبة بالنسبة للشرائح الكبرى من السكان الذين يعيشون بأقل مستوى من الدخل. هذه العملية يمكن أن تؤدي إلى زيادة الأسعار بسبب ارتفاع الطلب وانخفاض العرض، مما يشكل تحديًا أمام القدرة الشرائية للأغلبية الفقيرة. بالإضافة إلى ذلك، قد تتسبب عدم المساواة في تقليل الإنفاق العام والاستثمارات الحكومية الضرورية للبنية التحتية والخدمات العامة الأخرى التي تحتاج إليها جميع شرائح المجتمع - وليس الطبقة الثرية وحدها - لتأمين رفاهيتها واستقرارها.
كما أنها تحدد نوع المشاريع وروافد الإنتاج المحلي. إذا كانت أغلبية رأس المال الوطني موجودة لدى أقلية قليلة، فقد تختار تلك الأقليات توجيه استثماراتها نحو مشاريع دولية أكثر ربحية نسبياً، وبالتالي التقليل من فرص تطوير القطاع الخاص والعام محليا والذي يؤثر على معدلات التشغيل وتوفير الوظائف المناسبة للمجتمع المحلي نفسه. وفي نفس السياق، غالبًا ما يجذب التركيز الكبير للدخل الكبير تركيز التعليم والتدريب المهني أيضاً تجاه المجالات والأفرع الأكاديمية المرتبطة بالأعمال التجارية والثروة الشخصية بينما يتم تحويل الأموال الحكومية بعيداً عن مجالات مثل الرعاية الصحية العامة والتعليم والإسكان للسكان ذوي الدخول المنخفضة مما يؤدي لإعادة إنتاج دائرة الفقر وعدم المساواة عبر أجيال مختلفة.
ومن الناحية السياسية أيضا، تلعب تفاوتات الدخل دوراً حاسماً حيث أثبت التاريخ قدرتها الهائلة على تأجيج الصراع السياسي الاجتماعي خاصة عند شعور مجموعات اجتماعية واسعة بالإقصاء والاستبعاد المستمران لصالح مصالح نخبة سيادية وفئة عليا ضيقة للغاية مقارنة بمحيط جماعات مجتمعية عديدة خارج نطاق النفوذ الحقيقي واتخاذ القرارات المصيرية لمستقبل أبناء الوطن الواحد سواء كانوا مواطنين أصليين أم مهاجرين حديثين باتجاه دولة معينة. إذن فالعدالة الاجتماعية التي تعزز الفرص متكافأة لكل فرد بغض النظرعن خلفيته الاقتصادية تعد شرط أساسي لاستدامة السلام الداخلي واستقرار الدولة الحديثة ومصداقيتها داخليا وخارجيا بإذن الله تعالى وعونه جل وعلى وهو حسبنا ونعم الوكيل وصلى الله وسلم تسليما كثيراوبركاتهعلى سيد الخلق اجمعين محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه الى يوم الدين امين يا رب العالمين .