- صاحب المنشور: وداد بن عبد الله
ملخص النقاش:
في عصر العلم الحديث الذي يتميز بالتقدم التكنولوجي الهائل، يواجه العديد من الأفراد داخل المجتمعات الدينية مشاعر الحيرة والتناقض عند محاولتهم فهم العلاقة بين علوم اليوم ومبادئ دينهم. هذا التقاطع المعروف بتقاطع الدين والعلوم غالبا ما يحمل معه مجموعة متنوعة من التعقيدات والإشكاليات التي تتطلب معالجة متأنية وواعية لفهم أفضل لها.
أولا وقبل كل شيء، يمكننا القول بأن الدين والعلوم ليسا بالضرورة قوتين متعارضتين تمامًا كما قد يُعتقد. في الواقع، كلاهما يسعى إلى تحقيق تفاهم عميق للعالم حولنا ولكن بطرق مختلفة. بينما يستند الدين عادة على الإيمان والحكمة الخارقة للطبيعة، تعتمد العلم على الملاحظة التجريبية والتفسير المنطقي للأحداث. لذلك، فإن الهدف المشترك لهذين المجالان هو الوصول إلى حقيقة أكبر وأعمق بشأن الكون الإنساني.
لكن كيف نصل لهذا المصالحة؟ أحد الجوانب الرئيسية لهذه المسألة هي إدراك أن الأسئلة التي تطرحها كل من الدين والعلوم ليست دائما واحدة وأن الأجوبة التي تقدمها لم تكن مقصودة لتكون مباشرة أو تنافسية. دعا الإسلام منذ البداية إلى دراسة الطبيعة وفهم آيات الله فيها؛ حيث قال تعالى في القرآن الكريم: "إنَّ فِي خلقِ السموات والأرض وَاختلاف الليل والنّهار لآيات لأولي الألباب" (سورة آل عمران الآية ١٩٠). هذه الآيتان تشجع المسلمين على البحث والاستكشاف.
مع ذلك، هناك أيضا حالات تاريخية واجتماعية تسببت في حدوث توترات بين الطرفين. قد يؤدي سوء الفهم، الخوف من الجديد، عدم وجود تعليم علمي جيد، أو حتى السياسات الاجتماعية والاقتصادية غير المتوازنة أحيانا إلى ظهور الصراع الظاهري. من الضروري هنا التركيز على التعليم الشامل والذي يشمل جوانب دينية وعلمية ومتعددة الثقافات لتعزيز الفهم المتبادل واحترام مختلف وجهات النظر.
التحديات العملية
إحدى المشاكل الأكثر بروزا تتمثل في كيفية الجمع بين الاعتقاد في المعجزات – وهي جزء أساسي من العقيدة الإسلامية - وبين النظريات العلمية الحديثة. مثلا، إنكار نظرية التطور، رغم اعتراف البعض بها ضمن حدود معينة، ربما كان يعود جزئيا إلى مخاوف من أنها تناقض سفر التكوين اليهودي والمسيحي أو رواية خلق الإنسان في القرآن الكريم. إلا أنه يمكن إعادة صياغة هذه المفاهيم بحيث تكمل بعضها البعض عوضا عن منافستها.
كما يجدر بنا النظر في التأثير الاجتماعي والثقافي للتقنيات الجديدة. سواء كانت تتعلق بإعادة الإنتاج الحيوي، التجارب الوراثية، الذكاء الاصطناعي وغيرها، ينبغي الحكم عليها بميزان الأخلاق والقانون الإسلاميين قبل أي اعتبار آخر. وهذا يتضمن طرح تساؤلات مثل: هل ستستخدم هذه الاختراقات لتحقيق الخير العام أم أنها سوف تستغل للتسبب بالأذى؟ وهل تحترم هذه التقنيات dignity البشر وتمنع التحكم المفرط في الحياة؟