- صاحب المنشور: إباء بن توبة
ملخص النقاش:
أحدثت الثورة التكنولوجية ثورة حقيقية في الطريقة التي نتفاعل بها مع بعضنا البعض. لقد جعلتنا شبكة الإنترنت وأدوات الاتصال الحديثة أقرب جغرافياً، لكن هل أدى ذلك حقًا إلى تقوية روابطنا الاجتماعية؟ هذا المقال يستكشف التأثير المتعدد الطبقات للتقنية على الترابط الاجتماعي، متناولاً جوانب الألفة الجديدة والانعزال المرغوب فيه.
في عصر كانت فيه مجرد رسائل نصية تسمى "إشارة"، أصبح الآن التواصل غير الفعلي جزءًا حيويًّا من حياتنا اليوميّة؛ حيث تستحوذ وسائل الإعلام الاجتماعيّة مثل تويتر وفيسبوك وإنستجرام وغيرها الكثير على وقت يقضيه البشر أكثر مما كانوا يفعلونه سابقًا للتواصل وجهًا لوجه أو حتى عبر مكالمات هاتفية مباشرة. وعلى الرغم من كون هذه المنصات تتيح للمستخدمين البقاء على اتصال دائم بأقاربهم وأصدقاءهم، إلا أنها قد تؤدي أيضًا إلى الشعور بالوحدة والعزلة عندما تكون المحادثات سطحية وموجزة جدًا ولا تتعمق في القضايا الحقيقيّة التي تواجه أفراد المجتمع الواسع.
بالإضافة لذلك، فإن سهولة الوصول لهذه التقنيات قد خلق نوعا جديدا تماما من العلاقات الافتراضية والتي يمكن اعتبارها ضارة إن لم يتم التعامل معها بحذر شديد. فمثلا، بات بمقدور الأشخاص الانخراط في علاقات رومانسية رقمية دون أي أساس واقعي لتلك المشاعر - الأمر الذي غالبًا ما ينتهي بنتائج وخيمة نتيجة عدم وجود عمق حقيقي للعلاقة. كما أنه ليس مستبعدا أن تساهم مواقع المواعدة الإلكترونية بتفاقم مشكلة العزلة الاجتماعية لدى المستخدم إذا وجدت نفسها فريسة لعجزها عن تحقيق الروابط الحميمة المثالية بسبب طبيعة تلك الجلسات الظاهرية والمحدودة زمنيا مقارنة بما يحدث عند لقائهما شخصيا خارج حدود العالم الافتراضي الخاص بهم.
وعلى الجانب الآخر، تشهد العديد من الدول تقدم تكنولوجيات مبتكرة تعمل كمسرعات اجتماعية تجدد الحياة داخل مجتمعاتها محليّا وعالميا أيضا. ومن الأمثلة البارزة عليها تطبيق واتساب والذي ساعد بفضل خصائصه الفريدة ملايين الأفراد حول الكوكب على تبادل المعلومات وتنسيق الأحداث وغرس روح العمل التعاوني بين أبناء البلد الواحد وبين مختلف الثقافات والجنسيات الأخرى كذلك. بل إنه استخدم مؤخرًا لنشر دعوات لحضور تجمع شعبي احتجاج ضد سياسات الحكومات المستبدة وذلك تعبير واضح عن قوة المد الثوري لهذا التطبيق الرائع!
وفي النهاية، يبقى لكل فرد دور هام يتعلق بكيفية استخدام الإنترنت والبرامج ذات الصلة؛ فهو قادرٌ بإرادة صادقة نحو بناء جسور قوى ومتينة لبناء شراكات فعالة قائمة على الاحترام والثقة المتبادلين عوض الإسراف فيما يسمى بعصر الذكاء الصناعي المبني أساسا وفق رؤية قصيرة النظر تجاه الواقع المعيش يوم بعد يوم. ولذلك ندعو جميع مستخدمي الشبكة العالمية لاتخاذ قرار مسؤول بشأن اختيار طريقة الاستخدام الأنسب لهم والتي تضمن حماية خصوصيتها بالإضافة لتحسين مستوى مشاركتها بصنع القرار المصيري المرتبط بحياتهم الخاصة وبمجتمعاتهن العامة أيضا.