- صاحب المنشور: عبد العظيم الكتاني
ملخص النقاش:
في السنوات الأخيرة، برزت مشكلة التغير المناخي لتكون واحدة من أكبر تحديات القرن الحادي والعشرين. هذا التحذير البيئي الشديد يتطلب إجراءات فورية ومبتكرة لمواجهة آثار الاحتباس الحراري المتزايدة، مثل ارتفاع مستوى سطح البحر، وتغيّر الأنماط المناخية، وانعدام الأمن الغذائي. وفي الوقت الذي تتصاعد فيه المخاوف بشأن الآثار الجذرية لهذه الظاهرة على البشر والحياة البرية، فإن التركيز الآن ينصبّ نحو البحث والاستثمار في الحلول التقنية المستدامة التي يمكنها تخفيف هذه الآثار أو حتى عكس الاتجاه.
تُمثّل الطاقة المتجددة أحد الأعمدة الرئيسية لهذا النهج الاستراتيجي للتكيف مع تغيرات المناخ. وقد شهد العالم بالفعل تقدما ملحوظاً في استخدام طاقة الرياح والطاقات الشمسية وطاقة المد والجزر وغيرها من المصادر الخالية من الكربون لتوفير الكهرباء للمدن والمناطق النائية حول العالم. لكن الطريق لا يزال طويلاً؛ حيث تتطلب زيادة اعتماد تلك الطاقات تطوير بنى تحتية جديدة واستثمارات كبيرة وخلق فرص عمل وفهم أفضل لاستخداماتها الفعالة. كما أنه رغم كونها خضراء وصديقة للبيئة إلا أنها تحتاج أيضًا إلى حلول لمعالجة مخزونات الوقود الأحفوري الحالي وإيجاد طرق فعالة لإعادة تدوير المواد المستخدمة حاليا بطريقة صديقة للبيئة أكثر.
بالإضافة لذلك، تعد الزراعة الصديقة لكوكب الأرض مساهمة مهمة أخرى في التعامل مع قضية تغير المناخ. تشمل استراتيجيات زراعية متقدّمة تستهدف تقليل انبعاث الغازات الدفيئة وتعزيز قدرة التربة على الاحتفاظ بعناصر غذائية وقدرتها على امتصاص ثاني أكسيد الكربون مما يساهم بشكل مباشر وبفاعلية في الحد من ظاهرة التأثيرات الاحتباس الحراري. بالإضافة لذلك، يُمكن لنظام الغذاء العالمي تحويله باتجاه نموذج أكثر مراعاة للبيئة عبر تعزيز حماية المناطق الطبيعية وغابات المطيرة الهامة لحفظ التنوع الحيوي واستقرار المناخ العام للأرض.
وفي قطاع البناء والنقل أيضا يوجد مجال واسع لبذل جهود مبتكرة لتحقيق هدف خفض الانبعاثات المرتبط بهذه القطاعات المحورية داخل الاقتصاد الحديث. فقد أصبح هناك اهتمام متنامٍ بتطبيق مواد بناء ذات تأثير بيئي أقل، وهذا الأمر يشجع المصممين والمطورين العقاريين على تبني نماذج تصميم مباني ذكية وعمرانية حضرية قائمة على الابتكار العلمي الحديث والمعرفة المتراكمة حول كيفية خلق مدن قادرة على مواجهة آفات التغير المناخي بالمستقبل القريب العاجل نسبياً مقارنة بالأفق الزمني الكبير اللازم للاستجابة للإشكالات الأكبر المعروفة باسم "تأثير الشبكة".
ختاما، إن وجهتنا المشتركة هي جعل عالمنا مكانًا أكثر سلامًا وأمانًا وكفاءة باستخدام موارد الأرض بكفاءة ومتناهية الرقي وفق منهج علمي حديث يعلي قيمة الخلافة الإلهونية على أرضه المباركة بما يحقق مصالح الجميع ويضمن عدم حرمان أي جيل -حالياً أو بعد عدة عقود-من الحقوق الأساسية للحصول على حياة كريمة وسط محيط نظيف وآمن برفقة بقية أبناء خلقه المنتشرة بمختلف مناطق الدنيا الواسعة رحابة رحيم رب العالمين جل وعلا شأنه!