- صاحب المنشور: السوسي بن شعبان
ملخص النقاش:
في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كان التعليم يعتبر جزءًا أساسيا من رسالة الإسلام. لم يكن مجرد تعليم دينى فحسب، بل شمل جوانب مختلفة مثل الأخلاق والقيم الاجتماعية والمعارف العلمية. بدأ هذا المسار منذ الوحي الأول للنبي حيث أمر بتعليم الناس القراءة والكتابة "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ" (سورة العلق، الآية 1). شهد العصر الراشدي تطوراً ملحوظاً في مجال التعليم عندما تم تأسيس أول مدرسة رسمية للدولة الإسلامية في المدينة المنورة عام 624م تحت إدارة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. بعد ذلك انتقلت هذه المؤسسات التعليمية إلى بغداد تحت حكم الخلفاء الأمويين ثم العباسيين الذين وضعوا الأسس الأولى للمدارس النظامية كمدرسة النحاس ومدرسة الشافعي التي كانت تضم العديد من التخصصات الأكاديمية المتنوعة.
توسعت العملية التعليمية لتشمل الجامعات خلال القرن الثامن الميلادي وأبرزها جامعة الزيتونة بتونس وجامعة الأزهر بمصر والتي استمرت حتى يومنا الحالي. وقد برز دور المرأة أيضاً في التعليم الإسلامي فقد قامت أمهات المؤمنين وزوجات الرسول صلى الله عليه وسلم بالتدريس داخل البيوت الخاصة بهم كما فعلت زوجته عائشة رضوان الله عليها حيث قالت: "كنتُ أجلسُ عند رسول اللَّهِ -صلّى اللهُ عليه وسلّم- فتأتيه امرأةٌ فقيل لها: اذهبي فصلِّي خلف أصحابِك؛ يعني الرجال قال: «لا تدري لعلها صائمةً أو حاملًا».[١] وهذا يدل على قبول المجتمع الإسلامي وقتئذٍ لفكرة تعلم النساء وتحررهن من الصور النمطية التقليدية آنذاك".
بالانتقال للعصور الحديثة، واجه نظام التعليم تحديات عدة منها تأثير الحضارات الغربية وظهور مدارس النهضة العربية الإسلامية التي عملت على تحقيق توازن بين الأصالة والمعاصرة للحفاظ على الهوية الثقافية والإسلامية للشعوب المستهدفة. اليوم، يُطبَع الإسلام التأثير الكبير في نظم التعليم بمختلف دول العالم وذلك عبر اعتماد منهج يشجع البحث العلمي ويحترم حقوق الفرد مع الحرص على ترسيخ العقيدة الصحيحة وتعزيز القيم والسلوك الحميد لدى الطلاب. إن المسيرة مستمرة نحو مزيدٍ من الازدهار والفائدة بإذن الله تعالى ضمن إطار ديني وثقافي متماسك يساهم ببناء مجتمعات مستقرة ومتطورة.
