- صاحب المنشور: دارين الصالحي
ملخص النقاش:يعاني البشر من العديد من التحيزات المعرفية التي يمكن أن تؤثر بشكل كبير على اتخاذ القرارات. هذه التحيزات تنبع غالباً من الطريقة التي يتعامل بها الدماغ مع المعلومات والبيانات المتاحة. فهم كيفية عملها وكيفية التعامل معها أمر بالغ الأهمية خاصة عندما يرتبط الأمر بقرارات حيوية ومؤثرة.
من بين أكثر أنواع التحيز المعرفي شيوعا والتي لها آثار ضارة على صنع القرار هو "التأثير الضوئي" أو تأثير التحديث. هذا التأثير يحدث عندما يعطي الأفراد المزيد من الوزن للآخرين والأحداث الأخيرة مقارنة بالأحداث القديمة. وهذا يعني أنه إذا حدثت حدثان مهمان، الأول قبل وقت طويل والثاني حديثاً، فإن الشخص قد ينسى الحدث القديم ويولي انتباهه كله تقريبا للحدث الأخير.
مثال بسيط لذلك هو كيف تتعامل الحكومات مع سياساتها الاقتصادية. ربما تكون هناك مشكلة اقتصادية كبيرة ذات تاريخ طويل لكن الحكومة تولي اهتماما أكبر للمشكلة الحديثة الأكثر بروزاً مثل ارتفاع الأسعار مؤخراً بسبب جائحة كورونا وتتجاهل الجذور العميقة لهذه المشاكل الاقتصادية.
تحليل العواقب
عندما يتم تجاهل التاريخ والاستناد فقط إلى البيانات الجديدة، فإنه يمكن أن يؤدي إلى قرارات خاطئة وغير مستدامة. مثلاً، في مجال الأعمال التجارية، التركيز الزائد على أداء الربع الماضي قد يجبر الشركة على الاستثمار بكثافة في منتج واحد بينما تتجاهل فرص أخرى محتملة كانت ستكون أكثر ربحية لو تمت رؤيتها بعيون ليست متأثرة بتأثير التحديث.
في المجالات الأكاديمية والعلمية أيضاً، تأتي أهمية تجنب تأثير التحديث في الصورة الكلية للأبحاث العلمية طويلة المدى. الدراسات قصيرة المدى قد توحي بنتائج غير دقيقة إذا لم يتم أخذ المنظور الكلي والتاريخي بالحسبان.
استراتيجيات للوقاية
- مراجعة شاملة للتاريخ: يجب دائماً مراجعة التاريخ عند اتخاذ أي قرار مهم لتجنب الانزلاق نحو التشويش الحرج الذي يفرضه تأثير التحديث.
- وضع خطوط زمنية محددة: تحديد مدة معينة لأخذ العينات من البيانات يساعد على منع التقارب الزائد نحو الأدلة الجديدة وحدوث تشويش ضمنياً.
- الصياغة الواضحة للهدف: تحديد هداف واضح وقابل للقياس يسمح بمراقبة تقدم القرار وإعادة توجيه الحسابات بناء عليه لفترة طويلة نسبياً مما يحافظ على وجود التاريخ داخل عملية صنع القرار.
- تشجيع التعليم والمعرفة: زيادة معرفة الناس حول التحيزات المعرفية المختلفة تساعد الفرد على تحديد نقاط ضعفهم الخاصة وأساليب الوقاية منها.
- البحث المتعدد الاتجاهات: نهج البحث الشامل عبر مجموعة متنوعة من وجهات النظر والمناهج يخلق صورة واضحة للسياقات المختلفة ويساعد في التعرف على موضوعات التحيز المحتمل.
في النهاية، إن الاعتراف بوجود التحيزات المعرفية كجزء طبيعي من العقل البشري يعد الخطوة الأولى الهامة باتجاه مواجهتها وضمان دقة وصواب القرارات المستقبلية.