- صاحب المنشور: جواد بن عاشور
ملخص النقاش:يمثل التواصل بين مختلف الفئات العمرية تحدياً ثقافياً هاماً يعكس الحاجة الملحة لحفظ الروابط المجتمعية وتعزيز الوحدة داخل المجتمع الواحد. إن الفجوة المتزايدة بين جيل اليوم وجيل السابقين تعد مصدر قلق مستمر، حيث تظهر اختلافات واضحة فيما يتعلق بالتكنولوجيا والأولويات والقيم المشتركة. ولكن رغم هذا الاختلاف الظاهر، تبقى هناك حاجة ماسة للحفاظ على هويتنا الثقافية والتقاليد التي تشكل جزءا أساسيا من تاريخنا وعاداتنا.
يبدأ الازدراء الأول لجيل الشباب تجاه القيم التقليدية بتأثرهما الشديد بالبيئة الرقمية والمؤسسات التعليمية الحديثة. يؤدي هذا إلى ظهور تعارض بين تجاربهم وأسلوب حياتهم مقارنة بأجدادهم الذين نشأوا في بيئة أكثر تقليدية. فعلى سبيل المثال، قد يرى بعض أفراد الجيل الأصغر أهمية أكبر للتعبير الشخصي والحرية بينما قد يشدد الأكبر سنًا على المسؤولية الاجتماعية واحترام السلطة.
ومن الجانب الآخر، فإن فهم ورثتنا التاريخية والتعلم منها أمر ضروري لتطوير مجتمع متماسك ومتفاعل. ففي حين يمكن أن تكون الثورة التكنولوجية مفيدة للوصول للمعلومات وتسهيل الاتصال العالمي، إلا أنها غالبًا ما حلت محل وسائل التواصل الاجتماعي البشرية التي كانت موجودة سابقاً والتي تعتبر مهمة لبناء العلاقات الشخصية وبناء روابط اجتماعية عميقة. لذلك، يأتي دور الأسرة والمدرسة ومختلف المؤسسات الاجتماعية في توجيه الشباب نحو تقدير تراثهم مع تزويدهم بالأدوات اللازمة لاستخدام التكنولوجيا بطريقة مسؤولة ومفيدة.
إن الاستراتيجية الناجحة لإحداث تغيير ايجابي تتطلب جهود مشتركة بين جميع شرائح المجتمع. ينبغي للأطفال والشباب تعلم الاحترام الكامل لعادات آبائهم وأجدادهم والاستماع إليهم بعناية لفهم دوافعهم وآرائهم. كما يجب على كبار السن أيضاً بذل مجهود لاستيعاب عالم ابنائهم وابداع طرق جديدة لمشاركة خبراتهم وثقافتهم بدون الشعور بأنها مطرودة أو غير ذات قيمة. ولا ننسى الدور المحوري للمجتمع المدني الذي يستطيع المساهمة بشكل كبير عبر تنظيم فعاليات تجمع الأشخاص من كل الأعمار حول مشاريع موحدة مثل العمل الخيري والأنشطة الفنية وغيرها مما يعزز الشعور بمكانة الجميع ويضمن مشاركة الجميع.
وفي نهاية المطاف، يشهد العالم تغيرات سريعة لكن جوهر التواصل البشوي يبقى ثابتًا منذ زمن طويل جدًا وهو سيظل كذلك بلا شك بسبب قدرته العميقة على بناء جسور الحب والمودة والحكمة والحكمة بين الأجيال المختلفة. ولذلك دعونا نسعى لتحقيق فهم أفضل وفهم ذو اتجاهين حتى نحافظ على توازن صالح ومنصف يقوده التنوير والثقافة والمعرفة المشتركة.