[تتبع الرخص]
من الأدلة الواضحة على إلحاد النسوية المتدثرة بالعلم المتسلطة على الأحاديث بالجرأة والجهل: اعتراضها على حكاية الإجماع على وجوب ستر الشعر.
ومن المعلوم أنه إجماع صحيح استقر عليه العمل، وتتابع عليه العلماء، واقتصرت عليه الفتوى، واتفقت عليه مذاهب أهل السنة الأربعة.
وقد نُقل الإجماع على عدم جواز خروج الحق عن هذه المذاهب، نقله ابن مفلح وغيره، وهو إجماع مشهور ينقله العلماء من كل مذهب.
على أن الآثار لا تنقض الإجماع بالضرورة، فإذا ثبت الإجماع لم ينقضه خبر الآحاد، بل لم ينقضه شيء، ولم يقدم عليه شيء مطلقا كما هو معلوم في الأصول.
لكن هؤلاء لم يطلبوا العلم؛ لأنه شاق طويل الطريق، وإنما يعتمدون على البحث والهوى بهاجس الانحلال يحدوهم حادي المستشرقين.
وليس المقصود بالإجماع ألا يوجد خلاف أصلا؛ إذ ما من قضية إلا وفيها خلاف، ولو كان الأمر كذلك لما وجد إجماع أصلا، ولما وجدت شريعة أيضا، فسقوطه سقوط الإسلام كله.
وعلى هذا قول الإمام أحمد: «من ادعى الإجماع فقد كذب، وما يدريه لعل الناس اختلفوا»، ولا يفهم من هذا عدم احتجاجه بالإجماع إلا جاهل جسور؛ فهو من أصوله، وهذا أوضح من أن يُبحث، لكننا في عصر الجهل المركب.
لكن المراد بالإجماع المحتج به قول العامة والذي عليه العمل كما ذكر الشافعي وغيره.
ولذا نرى بعض الأئمة كابن المنذر يحكي الإجماع ويروي الخلاف، وليس هذا لغفلة منه أو تساهل، وإنما هو لأن الإجماع على تخطئة ذلك القول وعدم سوغانه حجة في رده، نعم؛ في بعض إجماعاته نظر؛ لكن لا لمجرد رواية أثر مخالف.
وهذا في آثار قطعية الدلالة، أما في المحتملة منها فهو أولى وأوضح وأوجب.